أحمد عن عمرو بن عبسة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما الإسلام؟ قال: "أن تسلم قلبك لله. وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك" , قال: أيُّ الإسلام أفضل؟ قال: "الإيمان" , قال: وما الإيمان؟ قال: "أن تؤمن بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, والبعث بعد الموت" , قال: فأيُّ الإيمان أفضل؟ قال: "الهجرة" , قال: فما الهجرة؟ قال: "أن تهجر السوء" , قال: فأي الهجرة أفضل؟ قال: "الجهاد" (?) .فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام الإيمان, وأدخل فيه الأعمال.
وحاصل القول: أنه إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ, وإن قرن بين الاسمين كان بينهما فرق؛ وهو أن يقال: إن الإيمان هو تصديق القلب وإقراره ومعرفته. والإسلام هو: استسلام العبد لله تعالى وخضوعه وانقياده, وذلك يكون بالعمل وهو الدين كما سمى الله تعالى في كتابه الإسلام دينا, وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام والإيمان والإحسان دينا, وهذا أيضا مما يدل على أن أحد الاسمين إذا أفرد دخل فيه الآخر, وإنما يفرق بينهما حيث قرن أحد الاسمين بالآخر, فيكون حينئذ المراد بالإيمان جنس تصديق القلب, وبالإسلام جنس العمل.
وفي مسند الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإسلام علانية والإيمان في القلب" (?) ؛ وذلك لأن الأعمال تظهر علانية والتصديق بالقلب لا يظهر. ومن هنا قال محققوا العلماء: كل