وقال جل جلاله: {قلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلى اللَّهِ} أي: قل يا محمد هذه الدعوة التي تدعوا جميع الناس عليها, والطريقة السوية التي أنا عليها, {سَبِيلِي} أي: سنتي ومنهاجي القويم, {أَدْعُو إِلى اللَّه} أي: إلى توحيده, الذي هو الصراط المستقيم {عَلى بَصِيرَةٍ} أي: على يقين ومعرفة أبين بها الحقّ والهدى, والضلال والردى {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} أي: من آمن بي وصدق, وعرف الإيمان وحقق, يدعو إلى مل دعوت إليه, ويجاهد الآبين عليه.
فظهر من هذا وبان, أن الدعوة واجبة وحق على كل إنسان, يدعي أنه من أهل الإسلام والإيمان, وأنه متبع للسنة والقرآن, ولكن كل على حسب حاله في ذلك, إذ ليسوا سواء في المراتب والمسالك.
وقال الحافظ العماد بن كثير: في قوله تعالى: {ولتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران:104) . أي: منتصبة للقيام بأمر الله في الدعوة إلى الخير, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر.
قال أبو جعفر الباقر (?) : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {ولتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلى الْخَيْرِ} فقال: "الخير اتباع القرآن سنتي" رواه ابن مردودية.
والمقصود من هذه الآية: أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن وإن كان ذلك واجبا على كل فرد من الأمة بحسبه (?) .