قوله: "إلا واحدة" وهي الجماعة أي: الذين اعتصموا بكتاب الله المبين, واتبعوا سنة سيد المرسلين.
قوله: "إنه سيخرج في أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء".
التجاري: التفاعل من الجري, وهو الوقوع في الأهواء الفاسدة, والتداعي فيها تشبيها بجري الفرس.
والأهواء: جمع هوى, والمعروف عند أهل العلم أنه إذا أطلق فالمراد به الميل إلى خلاف الحق. قال تعالى: {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (ص: من الآية 26) .
وقال –تعالى- {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} (النازعات:40-41) وقد يطلق الهوى بمعنى المحبة والميل مطلقا فيدخل فيه الميل إلى الحق.
قالت عائشة: لما نزل قوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِليْكَ مَنْ تَشَاءُ} (الأحزاب: من الآية 51) "ما أرى ربك إلا يسارع في هواك" (?) .
ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه في قصة المشاورة في أساري بدر, "فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله أبو بكر, ولم يهو ما قلت" (?) (?) .
هذا وقد أخبر الصادق المصدوق أن تلك الأهواء التي مالوا إليها, وأقبلوا بكليتهم من غير علم عليها, {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} (الروم:29) إنها خالطت مشاشهم وسرت فيها؛ بل لا تزال تتزايد, وتجري في عظامهم مجرى