{وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} لا تختلفوا, فمن اختلف فيه كانت النار مثواه, النهي عن الاختلاف إنما هو في الأصل, وأما فروع الشعائر فمختلفة كما قال: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} .
{كَبُرَ عَلى الْمُشْرِكِينَ} أي: أهل مكة وغيرهم.
{مَا تَدْعُوهُمْ إِليْهِ} من التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده.
{يَجْتَبِي إِليْهِ مَنْ يَشَاءُ} أي: يختار لديه من كان أهلا لذلك.
{وَيَهْدِي إِليْهِ مَنْ يُنِيبُ} يرشده إلى سلوك دينه الذي هو أحسن المسالك.
{وَمَا تَفَرَّقُوا} يعني: المم السابقة, وقيل: أهل الكتاب؛ لقوله: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} (البينة:4) .
قوله: {إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ} أي: العلم بأن التفرق متوعد عليه, وأن الاجتماع في الدين هو المدعو إليه.
وقيل: العلم بمبعث الرسول, فلم يجنحوا إلى التصديق والقبول {بَغْياً بَيْنَهُمْ} حسدا وعداوة, آلت بهم إلى الشقاوة.
{وَلوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} (يونس: من الآية 99) {وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلى الْكَافِرِينَ} (الزمر: من الآية 71) والأمر بإقامة الدين والاجتماع عليه, والنهي عن الاختلاف فيه والتفرق المشار إليه صريح في هذه الآية, والتي قبلها, فقبح الله شيع البدع والهوى, ما أضلها!
قوله في حديث أبي سعيد: "كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض" (?) سماه حبلا على سبيل الاستعارة يعني: أن كتاب الله تعالى هو السبب الوثيق الممدود, المدرك من تمسك به كل مقصود.
وقال: "من السماء إلى الأرض" ولم يقل من الأرض إلى السماء؛ لأن