شفاعة (?) , ولمنع عليه الصلاة والسلام غيره من الصحب الكرام.
فإن قيل: إن الرسل والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين أحياء في القبور, ونبينا صلى الله عليه وسلم له المزية عليهم, فكيف يكون سؤاله شركا محظورا؟ (?) .
قلنا: هنا ضلت الأفهام, وزلت الأقدام, وصار لها على المحظور إقدام, ودخل هذا الالتباس في قلوب أناس من المشهورين بالعلم والمنطق والذكاء والفهم, فلهجوا بذلك بالأشعار, من غير تأمل ولا إشعار, ولا تدبرا لقول واستبصار, فطفحت الأفهام, عن مدارك الأحكام.
وحاصل الجواب بإيجاز من غير إطناب: أن هذه الحياة المقررة, قد ذكرها الله تعالى في كتابه مكررة, فليس فيها ارتياب ولا إنكار, والفاعل المختار يتصرف كيف يشاء بما تقصر عن الإحاطة به الأفكار, وقدرته جل وعلا لا تحيط به العقول, فلا يسوغ إلا الإيمان بما أخبر به وإتباع النقول, والتمسك بما أنزل إلينا من النور, الذي هو شفاء لما في الصدور, وهو المنزل بالحق حكما للناس, فيما وقع فيه الاختلاف والإلباس, فهذه الحياة التي أخبر بها الله تعالى وحكم, ليست كالحياة التي حكم بفنائها على من برأه من النسم, وأوجده من العدم, وأناط بها تكليف العباد, وافترقوا بسبب ذلك في المعاد, وإنما هي حياة غير معقولة لنا ولا مكيفة, بل هي حياة برزخية نؤمن بها كما أخبر به على أي صفة.