أنها لا تبطل, وليس للورثة رجوع فيها بعد الموت, وإن كانت في المرض فهي موقوفة على إجازة الورثة.
ومنها: الطلاق المنهي عنه كالطلاق في الحيض, فإنه إنما قيل ينهى عنه لحق الزوج, حيث كان يخشى عليه أن يعقبه فيه الندم, فمن فعل شيئا منهيا عنه رفقا به, ولكنه تجشم المشقة فإنه لا يحكم ببطلانه, كمن صام في المرض أو السفر أو صلى قائما مع تضرره بذلك, أو اغتسل مع خشية الضرر على نفسه وأنواع هذا كثيرة.
وقيل: إنما ينهى عنه (?) لحق المرأة لما فيه من الإضرار بها بتطويل العدة, فلو رضيت بذلك بأن سألته الطلاق بعوص في الحيض, فهل يزول بذلك تحريمه؟ فيه قولان مشهوران للعلماء, مشهور مذهب الشافعية والحنابلة زوال التحريم.
وقد أطلنا الكلام في إيضاح هذا المقام؛ حرصا على الإفادة, ولينال الراغب مراده, مع أن هذه الفروع نبذة من تفاريع هذا الحديث المرفوع, وإلا فالذي تشهد به الألباب, أن هذا من جوامع كلم من أوتي الحكمة وفصل الخطاب, ففرائد جواهره مكنونة, وفوائد ظواهره مخزونة, لا تحصى بعد ولا حساب, ولا يرتقي إلى ذروتها كل دراك, بل العجز عن دركها هو الإدراك.
واعلم أرشدني الله تعالى وإياك إلى أقوم سنن, وصرف عني وعنك مضلات الفتن أن هذا الحديث صريح في الحث والحض على الإتباع, ناطق بالتحذير عن الأهواء والابتداع, فمن أخذ به فبالحق قد تمسك, وبالدين القيم قد تنسك, ومن خالفه فقد هلك, واتبع سبيل الغي وسلك.