وثلاثين وخمسمائة، فقرأ فيها علم الأدب، والفقه، وعلم الحساب، ومهر فى جميع ذلك، ونظم ونثر، وحاز فضلا واسعا، وعلما نافعا.
وكانت عدن يومئذ فى يد الشيخ بلال بن جرير المحمدى، مولى السلطان الداعى محمد بن سبأ بن أبى السعود الزريعى، وكان له كاتب، فتوفى، فأخذه الشيخ كاتبا، فلما عرف فضله وعقله، جعله بمنزلة الولد، والصاحب المدبر لأموره، فكان لا يقطع أمرا دون مراجعته، وامتحن فى آخر عمره بكفا بصره. وحج أول حجة فى سنة خمسين وخمسمائة، ثم حج ثانيا، فتوفى بمكة فى الخامس من المحرم، سنة أربع وسبعين وخمسمائة.
هكذا ذكره الشيخ تقى الدين بن رافع السلامى، فى «ذيل تاريخ بغداد»، وذكر أنه كان تاجرا ذا ثروة، فترك ذلك، وانقطع بمكة، وتعبد بها، وأنه ولد فى سنة إحدى وأربعين وستمائة، وتوفى فى سادس عشر شوال، وقيل: فى ذى القعدة سنة ست وعشرين وسبعمائة، بالمدينة.
قلت: وجدت بخط غير واحد ممن أعتمد عليهم، ومنهم جدى على بن أبى عبد الله الفاسى، بأنه توفى فى ليلة الجمعة سادس ذى القعدة من السنة المذكورة، ودفن بالبقيع إلى جنب قبر إبراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم، ومولده فى العشر الأول من ربيع الأول، سنة إحدى وأربعين وستمائة. هكذا وجدت بخط جدى، وذكر أنه نقل ذلك من خطه، ووجدت بخط جدى، أنه كان يكتب: أبو بكر عبد الله، وأبو بكر أحمد، وكان سمع على جماعة ببغداد ودمشق، منهم: الفخر بن البخارى، وعبد الرحمن بن الزين أحمد بن عبد الملك، القدسيات، سمع عليهما جزء الأنصارى، وحدث. وأجاز لشيخنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الطبرى. وذكر ابن فرحون، أنه انقطع بالمدينة على عبادة عظيمة، لا يفتر، لا ليلا ولا نهارا، وأن له بها رباطا للرجال والنساء.
نزيل مكة، سمع بها من يونس الهاشمى، وعبد الرحمن بن أبى حرمى، مع القاضى إسحاق الطبرى، وكتب السماع بخطه، وترجمه بتراجم، منها: مفتى الحرمين، والمدرس بهما. ونقلت من خط ابن أبى حرمى فى حجر قبره بالمعلاة، أنه توفى فى سنة ثلاث عشرة وستمائة بالموقف، فى يوم عرفة. انتهى.