على الخلاف فى مبدأ ولايته بمكة، هل هو سنة سبع وتسعين وخمسمائة، على ما ذكر الميورقى، نقلا عن القاضى فخر الدين عثمان بن عبد الواحد العسقلانى المكى، أو هو سنة ثمان وتسعين كما ذكر الذهبى فى العبر، أو هو سنة تسع وتسعين، بتقديم التاء على السين، على ما ذكر ابن محفوظ، وذلك بعد ملكه لينبع، وكان هو وأهله مستوطنين نهر العلقمية من وادى ينبع، وصارت له على قومه الرئاسة، فجمعهم وأركبهم الخيل، وحارب الأشراف بنى حراب، من ولد عبد الله بن الحسن بن الحسن، وبنى على، وبنى أحمد، وبنى إبراهيم، ثم إنه استألف بنى أحمد، وبنى إبراهيم، وذلك أيضا بعد ملكه لوادى الصفراء، وإخراجه لبنى يحيى منه، وكان سبب طمعه فى إمرة مكة، على ما بلغنى، ما بلغه من انهماك أمرائها الهواشم بنى فليتة على اللهو، وتبسطهم فى الظلم، وإعراضهم عن صونها ممن يريدها بسوء، اغترارا منهم بما هم فيه من العز والهسف (?) لمن عارضهم فى مرادهم، وإن كان ظلما أو غيره، فتوحش عليهم لذلك خواطر جماعة من قوادهم، ولما عرف ذلك منهم قتادة، استمالهم إليه، وسألهم المساعدة على ما يرونه من الاستيلاء على مكة، وجرأه على المسير إليها مع ما فى نفسه، أن بعض الناس، فزع إليه مستغيثا به فى ظلامة ظلمها بمكة، فوعده بالنصر.
وتجهز إلى مكة فى جماعة من قومه، فما شعر به أهل مكة، إلا وهو بها معهم، وولاتهم على ما هم فيه من الانهماك فى اللهو، فلم يكن لهم بمقاومته طاقة، فملكها دونهم، وقيل إنه لم يأت إليها بنفسه فى ابتداء ملكه لها، وإنما أرسل إليها ابنه حنظلة فملكها، وخرج منها مكثّر بن عيسى بن فليتة إلى نخلة، ذكره ابن محفوظ، وذكر أن فى سنة ستمائة، وصل محمد بن مكثر، وتقاتلوا عند المتكا، وتمت البلاد لقتادة، وجاء إليها بنفسه بعد ولده حنظلة. انتهى والله أعلم بالصواب فى ذلك.
وذكر ابن الأثير، أن فى سنة إحدى وستمائة، كانت الحرب بين قتادة الحسنى أمير مكة المشرفة، وبين الأمير سالم بن قاسم الحسينى أمير المدينة، ومع كل واحد منهما جمع كثير، فاقتتلوا قتالا شديدا، وكانت الحرب بذى الحليفة بالقرب من المدينة، وكان قتادة قد قصد المدينة ليحصرها ويأخذها، فلقيه سالم بعد أن قصد الحجرة الشريفة النبوية، على ساكنها السلام، وصلى عندها ودعا، وسار فلقيه، فانهزم قتادة، وتبعه سالم إلى مكة فحصرها، فأرسل قتادة إلى من مع سالم من الأمراء، فأفسدهم عليه، فمالوا إليه وحالفوه، فلما علم سالم ذلك، رحل عنه عائدا إلى المدينة، وعاد أمر قتادة يقوى. انتهى.