وكان له هدى حسن وكرم؛ إلا أنه كان منحرفا عن علىّ بن أبى طالب وبنى هاشم، مخالفة لأخيه المهاجر، وكان المهاجر محببا إلى علىّ، وشهد معه الجمل وصفين، وشهدهما عبد الرحمن مع معاوية. ولما أراد معاوية البيعة ليزيد، خطب أهل الشام، فقال: إنى قد كبرت سنى، وقرب أجلى، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاما لكم، وإنما أنا رجل منكم، فشارفوا رأيكم واجتمعوا. فقالوا: رضينا عبد الرحمن بن خالد. فشق ذلك على معاوية وأسرها فى نفسه، ثم إن عبد الرحمن مرض، فسقاه طبيب يهودى ـ يقال له ابن أثال من خواص معاوية ـ شربة، فانخرط بطنه، فمات. ثم دخل ابن أخيه خالد بن المهاجر دمشق مخفيا مع غلام له، فرصد اليهودى حتى خرج من عند معاوية، فقتله، وكان عبد الرحمن أحد الأبطال كأبيه. انتهى.

وقال الزبير بن بكار: كان عظيم القدر فى أهل الشام، وكان كعب بن جعيل مداحا له.

وذكر الزبير من مدحه فيه قوله [من البسيط] (?):

إنى ورب النصارى فى كنائسها ... والمسلمين إذا ما جمعوا الجمعا

والقائم الليل بالإنجيل يدرسه ... لله تسفح عيناه إذا ركعا

ومهرق لدماء البدن عند منى ... لأشكرن لابن سيف الله ما صنعا

لما تهبطت من غبراء مظلمة ... سهلت منها بإذن الله مطلعا

فقد نزلت إليه مفردا وحدا ... كغرض النبل ترمينى العداة معا (?)

أفضلت فضلا عظيما لست ناسيه ... كان له كل فضل بعده تبعا

فرع أجاد هشام والوليد به ... بمثل ذلك ضر الله أو نفعا

من مستثيرى قريش عند نسبتها (?) ... كالهبرزى إذا واريته متعا

جفانه كحياض البئر مترعة ... إذا رآها اليمانى رق واختضعا

لأجزينكم سعيا بسعيكم ... وهل يكلف ساع فوق ما وسعا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015