وذكر ابن البزورى فى ذيل المنتظم لابن الجوزى، نقلا عن الحجاج فى السنة المذكورة، ما يوافق ما سبق فى استيلاء سيف الإسلام طغتكين على مكة، وضربه الدراهم والدنانير باسم أخيه، وأنه خطب لأخيه بمكة.
وذكر صاحب المرآة: أن سيف الإسلام طغتكين، قتل جماعة من العبيد كانوا يؤذون الناس، وأن أمير مكة طلع إلى أبى قبيس، وأغلق باب البيت، وأخذ المفتاح معه، فأرسل سيف الإسلام يطلبه منه، فامتنع من إرساله، ثم إنه أرسل إليه بعد أن وعظه، وذكر أن ذلك فى سنة اثنتين وثمانين، وأظنه وهم فى ذلك، فإن الكل حادثة واحدة، والله أعلم.
وعاد سيف الإسلام إلى اليمن، وتم بها مستوليا عليها حتى مات فى شوال سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بالمنصورة من مدرسة أنشأها بقرب الدملوة (?) باليمن. كذا أرخ وفاته المنذرى، وذكر أنه سمع من الحافظ السلفى بالإسكندرية. وكذا أرخ وفاته الذهبى وقال: كان شجاعا سائسا فيه ظلم. انتهى.
ورأيت اسمه مكتوبا على باب زبيد المعروف بباب القرتب، بسبب عمارته له، وترجم فى الكتابة بسبب ذلك: بسلطان الحرمين والهند واليمن. وملك بعده اليمن، ابنه الملك المعز إسماعيل، فسفك الدماء وظلم وعسف، وادعى أنه قرشى أموى، ويقال إنه ادعى النبوة، ولم تصح، مات سنة ثمان وتسعين وخمسمائة مقتولا، وولى بعده أخ له صبى يقال له الناصر أيوب.
أمير مكة، وجدت فى تاريخ لبعض العصريين، أن طغتكين أنفق فى أهل مكة نفقة جيدة، وحلفهم ووثق منهم، لما ولى راجح بن قتادة، وابن عبدان الاستيلاء على مكة، بإنفاذ الملك المنصور صاحب اليمن إلى مكة، فى سنة تسع وعشرين وستمائة فراسل راجح بن قتادة أهل مكة، فمال رؤساءهم إليه، فلما أحس بذلك طغتكين، خاف على نفسه، فخرج هاربا فيمن معه، وكان معه مائتا فارس، وقصد نخلة، وتوجه منها إلى ينبع، وكان بها رتبة الملك الكامل وزردخانة وغله، وعرف الملك الكامل الخبر، فجهز عسكرا كثيفا، وقدم عليهم الأمير فخر الدين ابن الشيخ، فوصلوا مكة وحاصروا راجحا وابن عبدان وقاتلوهم فقتل ابن عبدان، وانكسر أهل مكة، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وأظهر طغتكين حقده عليهم، ونهب مكة ثلاثة أيام، وأخاف أهلها خوفا شديدا.