ونقل ابن الأثير عن مسلم: أن له ولولده صحبة من النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: السائب بن أبى السائب المخزومى وعبد الله بن السائب، ومثله قال ابن المدائنى. انتهى.
وقوله: ابن المدائنى فيه نظر؛ لأنه إن أراد ابن المدينى الحافظ المشهور، فالألف زائدة.
وإن أراد المدائنى الإخبارى، وهو أقرب لمراده، والله أعلم، فابن زائدة. وأما من ذكر أنه لم يسلم؛ فهو ابن إسحاق، لأنه ذكر أنه قتل ببدر كافرا. وذكر ابن هشام عن غير ابن إسحاق، أن الذى قتله الزبير بن العوام [ .... ] (?) ووافق الزبير بن بكار، ابن إسحاق فى قوله: إن السائب قتل ببدر كافرا، ثم نقض ذلك فى موضعين من كتابه، على ما ذكر ابن عبد البر؛ لأنه قال: حدثنى يحيى بن محمد بن عبد الله بن ثوبان، عن جعفر، عن عكرمة، عن يحيى بن كعب، عن أبيه كعب، مولى سعيد بن العاص، قال: مرّ معاوية وهو يطوف بالبيت، ومعه جنده، فزحموا السائب بن صيفى بن عايذ، فسقط، فوقف عليه معاوية، وهو يومئذ خليفة، فقال: ارفعوا الشيخ، فلما قام قال: ما هذا يا معاوية؟ تصرعوننا حول البيت! أما والله لقد أردت أن أتزوج أمك. فقال معاوية: ليتك فعلت، فجاء بمثل أبى السائب، يعنى عبد الله بن السائب. قال ابن عبد البر: وهو واضح فى إدراكه الإسلام، وفى طول عمره.
قال: وقال ـ يعنى الزبير ـ فى موضع آخر: حدثنى أبو ضمرة أنس بن عياض الليثى، قال: حدثنى أبو السائب ـ يعنى الماجن ـ وهو عبد الله بن السائب، قال: كان جدى أبو السائب، شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم الشريك أبو السائب، لا يشارى ولا يمارى». قال ابن عبد البر: وهذا كله من الزبير مناقضة فيما ذكر، أن السائب بن أبى السائب قتل يوم بدر كافرا. انتهى.
والمناقضة بالخبر الأول مستقيمة، لاقتضائه حياة السائب بعد بدر، أزيد من أربعين، وهو فى غالبها مسلم؛ لأن الإسلام عمّ قريشا وغيرهم، فى زمن فتح مكة.
وأما الخبر الثانى، فليس فيه إلا مشاركة النبى صلى الله عليه وسلم لأبى السائب وثناؤه عليه، والكلام فى السائب بن أبى السائب، لا فى ابنه، ولو سلمنا أن ذلك فى السائب، لما دلّ على صحبته؛ لأن الشركة قد تكون قبل النبوة، والثناء بحسن الشركة لا يستلزم الإسلام؛ لأن