شهاب الدين من ذلك، وصار يلازم الشيخ خليل فى الدعاء بالسلامة، وألحّ على الشيخ خليل فى ذلك، فقال له الشيخ خليل: ما ترى إلا خيرا، فقال له: كيف يكون هذا، وعن قريب يصل عسكر السلطان إلى مكة! . فقال له الشيخ خليل: رأيت أنى أنا وأنت فى جوف الكعبة، ورقينا فى الدرجة التى بسطحها، ودخول الكعبة أمان لداخلها، فصحت بشارة الشيخ خليل؛ لأن العسكر وصل إلى الكعبة، والقاضى شهاب الدين ضعيف، وتمادى به المرض حتى مات بعد وصول العسكر بأيام.
وبلغنى أن الشيخ خليل، كان لا يميز صنجة مائة من مائتين، لإعراضه عن الدنيا، وإنما كان يرتب فى بيته كل يوم خبزا كثيرا جدّا، ويتصدق به على الفقراء والمساكين، وأن ذلك من غلة الوقف الذى اشتراه بقرية المبارك من أعمال مكة، ووقفه لأجل ذلك. وهذا الوقف وجبتا ماء غير قليل، وأراضى معروفة.
وكان الشيخ خليل مبتلى بالوسواس فى الطهارة والصلاة، وكان يشتد عليه الوسواس فى ذلك، فيعيد الصلاة بعد أن يصلى بالناس، وربما أقام يصلى من بعد صلاة الظهر إلى آذان العصر، صلاة الظهر يعيدها، وربما أذن العصر ولم يكمل الصلاة؛ لأنه يحرم بالصلاة ويقطعها لأجل الوسواس، فيكرر ذلك ويتألم خاطره لذلك، فيبكى فى بعض الأحيان، ولما مات أوصى بكفارات كثيرة، خوفا من أن يكون حنث فيما صدر عنه من أيمان بالله تعالى، فكفرها عنه جدّى الشريف على الفاسى، لكثرة ما كان بينهما من الصداقة، بعد وصول جدّى من بلاد التّكرور.
وللشيخ خليل فى الورع وفعل الخير أخبار كثيرة. وقد أتينا على طرف صالح منها.
وتوفى رحمه الله، ليلة الاثنين لعشر بقين من شوال سنة ستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، على جده الإمام ضياء الدين المالكى. نقلت وفاته هكذا من حجر قبره بالمعلاة.
وذكر ابن محفوظ: أنه توفى فى الثالث والعشرين من شوال من السنة المذكورة، ومولده فى شوال سنة ثمان وثمانين وستمائة، على ما وجدت بخطه.
ووجدت بخط جدى الشريف على الفاسى: أنه ولد فى سادس شوال، ووجدت بخطه: أنه ولى الإمامة مستقلا بعد أبيه، سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، فعلى هذا تكون مدة ولايته للإمامة حتى مات، سبعا وأربعين سنة.
أجاز له فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة من دمشق: الحجار وجماعة، وسمع الكثير