ولد فى شعبان سنة أربع من الهجرة. وقيل: ولد لست سنين وخمسة أشهر ونصف من الهجرة. وكان فاضلا كثير الصلاة والصوم والحج، وحج خمسا وعشرين حجة ماشيا. وكان مكثرا من الصدقة ومن جميع أفعال الخير، أبى النفس، ولم يبايع ليزيد بن معاوية لما طلبت البيعة منه فى حياة أبيه ولا بعد موته، وفر إلى مكة، وجاءته كتب أهل الكوفة يحثونه على المسير إليهم. فبعث إليهم مسلم بن عقيل بن أبى طالب، ليختبر له الأمر، فبايعه منهم اثنا عشر ألفا، ثم تخلوا عنه عند ما ولى عبيد الله بن زياد الكوفة ليزيد بن معاوية، وقتل مسلم بن عقيل، وجهز ألفى فارس مع عمر بن سعد بن أبى وقاص لقتال الحسين، وكان قد خرج من مكة فى العشر الأول من ذى الحجة سنة ستين، ومعه أهل بيته وستون شيخا من أهل الكوفة، بعد أن نهاه عن ذلك أقاربه وغيرهم فأبى، فقال: إنى رأيت رؤيا أمرنى فيها النبى صلى الله عليه وسلم بأمر وأنا ماضى له، ولست بمخبر بها أحدا حتى ألاقى عملى.
ولما قرب من القادسية، بلغه خبر مسلم بن عقيل، فهم أن يرجع، فقال إخوته: والله ما نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل، فقال: لا خير فى الحياة بعدكم، وسار حتى لقيته خيل عبيد الله بن زياد، فقال الحسين لمقدمهم: اختر واحدة من ثلاث: إما أن تدعونى فألحق بالثغور، وإما أن تدعونى فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعونى فأذهب من حيث جئت، فقبل منه ذلك، وكتب به إلى عبيد الله بن زياد، فكتب عبيد الله: لا، ولا كرامة، حتى يضع يده فى يدى. فقال الحسين: لا، والله لا يكون ذلك أبدا، فقاتلوه، فقتل أصحاب الحسين كلهم، وكانوا خمسة وأربعين فارسا ونحو مائة رجل، وقتل من أهل بيته سبعة عشر شابا، وقاتله حتى قتل رضى الله عنه.
وكان قتله يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، قاله جماعة كثيرون. واختلف فى يوم