فكانت ولايته للقضاء بدمشق وما أضيف إليه، فى منتصف سنة ثلاث وستين وسبعمائة. وباشر ذلك ستة أشهر وأزيد قليلا. وله تواليف، منها: كتاب عروس الأفراح، فى شرح تلخيص المفتاح للقاضى جلال الدين القزوينى. وله يد طولى فى العلم، وله شعر رائق، ومجاورات بمكة، وبها توفى ـ رحمه الله تعالى ـ يوم الخميس سابع شهر رجب سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة. ودفن بالمعلاة بقرب الفضل بن عياض رحمهما الله تعالى. وذلك بعد أن زار المدينة النبوية رفيقا لجدى الفاضل أبى الفضل النويرى، رحمهما الله تعالى. وكانت بينهما صداقة أكيدة.

وبلغنى عن شيخنا كمال الدين الدميرى، أنه رأى جدى أبا الفضل النويرى فى المنام، وسأله عن بهاء الدين السبكى هذا، فقال له جدى ما معناه: ذاك الذى لم يبلغه عن النبى صلى الله عليه وسلم أمر ولا نهى إلا ائتمر به، ولم يخالفه. انتهى.

أنشدنى قاضى القضاة زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغى الشافعى، قراءة عليه وأنا أسمع بمنى، أنه سمع قاضى القضاة بهاء الدين أبا حامد بن الشيخ تقى الدين السبكى، ينشد لنفسه بالحضرة النبوية قائما مكشوف الرأس، قصيدة نبوية أولها [من الطويل]:

تيقض لنفس عن هداها تولت ... وبادر ففى التأخير أعظم خشية

فحتام لا تلوى لرشد عنانها ... وقد بلغت من غيها كل بغية

ومنها:

وأمارة بالسوء لوامة لمن ... نهاها فليست بالمطمئنة

إذا أزمعت أمرا فليس يردها ... عن الفعل إخوان التقى والمبرة

وإن مر فعل الخير فى بالها انثنى ... أبو مرة يثنيه فى كل مرة

ولى قدم لو قدمت لظلامة ... لطارت ولى أنى دعيت لقربة

لكنت كذى رجلين رجل صحيحة ... ورجل رمى فيها الزمان فشلت

ومنها:

وقائلة لما رأت ما أصابنى ... وما أنا فيه من لهيب وزفرتى

رويدك لا تقنط وإن كثر الخطا ... ولا تيأسن من نيل روح ورحمة

مع العسر يسر والتصبر نصرة ... ولا فرح إلا بشدة أزمة

وكم عامل أعمال أهل جهنم ... فلما دنا منه أعيد لجنة

فقلت لها جوزيت خيرا على الذى ... منحت من البشرى وحسن النصيحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015