هَذِهِ الظُّلْمَةَ فَلَا تَطْلُبْهَا، فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَتَشَعَّبَ عَلَيْنَا مِنْهَا أَمْرٌ نَكْرَهُهُ، وَيَكُونُ فِيهِ فَسَادُ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ: لَا بُدَّ أَنْ أَسْلُكَهَا، فَخَرَّتِ الْعُلَمَاءُ سُجُودًا، ثُمَّ قَالُوا: أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُفَّ عَنْ هَذِهِ، وَلَا تَطْلُبْهَا، فَإِنَّا لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ إِذَا طَلَبْتَهَا ظَفِرْتَ بِمَا تُرِيدُ، وَلَمْ يَسْخَطِ اللَّهُ عَلَيْنَا لَكَانَ، وَلَكِنَّا نَخَافُ الْمَقْتَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَتَشَعَّبَ عَلَيْنَا مِنْهَا أَمْرٌ يَكُونُ فِيهِ فَسَادُ أَهْلِ الْأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْهَا، فَقَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ: إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ أَسْلُكَهَا. قَالُوا: فَشَأْنَكَ. قَالَ: أَخْبِرُونِي أَيُّ الدَّوَابِّ بِاللَّيْلِ أَبْصَرُ؟ قَالُوا: الْبِكَارَةُ، فَأَرْسَلَ فَجُمِعَ لَهُ سِتَّةُ آلَافِ فَرَسٍ أُنْثَى بِكَارَةٌ، فَانْتَخَبَ مِنْ عَسْكَرِهِ سِتَّةَ آلَافِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ، فَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ فَرَسًا، وَعَقَدَ لِلْخَضِرِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُقَدِّمَتَهُ فِي أَلْفَيْ رَجُلٍ، وَبَقِيَ هُوَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ رَجُلٍ، وَقَالَ لِمَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ فِي الْعَسْكَرِ: لَا تَبْرَحُوا عَسْكَرِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، فَإِنْ نَحْنُ رَجَعْنَا إِلَيْكُمْ وَإِلَّا، فَارْجِعُوا إِلَى بِلَادِكُمْ، فَقَالَ الْخَضِرُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّكَ تَسْلُكُ ظُلْمَةً لَا تَدْرِي كَمْ مَسِيرَتُهَا، وَلَا يُبْصِرُ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِالظُّلَلِ إِذَا أَصَابَتْنَا؟ فَدَفَعَ ذُو الْقَرْنَيْنِ إِلَى الْخَضِرِ خَرْزَةً حَمْرَاءَ، فَقَالَ: إِذَا أَصَابَكُمُ الظُّلَلُ، فَاطْرَحْ هَذِهِ الْخَرْزَةَ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِذَا صَاحَتْ، فَلْيَرْجِعْ أَهْلُ الظِّلَالِ، فَسَارَ الْخَضِرُ بَيْنَ يَدَيْ ذِي الْقَرْنَيْنِ يَرْتَحِلُ الْخَضِرُ، وَيَنْزِلُ ذُو الْقَرْنَيْنِ، وَقَدْ