والتاسع الدعاء بعد التكبيرة الثالثة للميت. وعن أبي حنيفة أنه لا يجب ذلك.

لنا ما روي أن النَّبي قال: "إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا الدُّعَاءَ لَهُ" (?).

وفيه وجه: أنه لا يجب تخصيص الميت بالدعاء، ويكفي إرساله للمؤمنين والمؤمنات والميت يندرج فيهم، وهذا الوجه مُعْزَى في "النهاية" إلى الشيخ أبي مُحَمَّدٍ -رحمه الله-، وقدر الواجب من الدعاء ما ينطلق عليه الاسم، أما الأحب فسيأتي والله أعلم. واعلم: أن القيام واجب في هذه الصلاة عند القدرة على الأصح كما سبق، فيتوجه إلحاقه بالأركان كما أنه معدود من الأركان في الوَظَائِفِ الخمس والله أعلم.

قال الغزالي: فَأمَّا الأكْمَلُ فَأَنْ يَرفعَ (م ح) اليَدَيْنِ في التَّكْبِيراتِ، وَفِي دُعَاءِ الاسْتِفْتَاحِ والتَّعَوُّذ خِلاَفٌ، وَالأَصَحُّ أَنَّ الاسْتِفْتَاحِ لاَ يُسْتَحَبُّ، ثُمَّ لاَ يُجْهَرُ بِالقِرَاءَةِ لَيْلاً كَانَ أَوْ نَهَاراً، ويُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ لِلمُؤْمِنِينَ عِندَ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الشَّافِعِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لِذِكْر بَيْن التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ وَالسَّلاَمِ.

قال الرافعي: لصلاة الجنازة وظائف مندوبة هي توابع للأركان.

فمنها: رفع اليدين في التكبيرات الأربع خلافاً لأبي حنيفة ومالك حيث قالا: لا يرفع إلا في التَّكبيرة الأولى. لنا: أن ابن عمر وأنساً (?) -رضي الله عنهما- "كَانَا يَرْفَعَانِ فِي جَمِيعِ التَّكْبِيرَاتِ"، وعن عروة (?) وابن المسيب (?) -رضي الله عنهما- مثله، ويجمع يديه بينهما ويضعهما تحت صدره، كما في سائر الصلوات.

ومنها: في قراءة دعاء الاسْتِفْتَاح عُقَيب التكبيرة الأولى وجهان:

أحدهما: أنه يقرأ كما في سائر الصلوات، وهذا اختيار القاضي أَبِي الطَّيب والقَفَّال فيما حكاه القَاضِي الرُّوياني.

وأصحهما: أنه لا يقرأ؛ لأن هذه الصلاة مبنيَّة على التَّخفيف، ولهذا لم يشرع فيها الرُّكوع والسُّجود، وشبهوا ذلك بقراءة السورة، لكن صاحب "التهذيب" حكى في قِرَاءَة السُّورة بعد الفاتحة الوجهين أيضاً، وهل يتعوذ؟ فيه وجهان أيضاً، لكن الأصح أنه يتعوَّذ بخلاف دعاء الاستفتاح؛ لأن التعوذ من سنن القراءة كالتَّأْمين عند تمام الفاتحة؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015