ساهياً لم تبطل صلاته، ولا مدخل للسجود في هذه الصلاة، وإن كان عامداً فهل تبطل صلاته؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم، كما لو زاد ركعة أو ركناً عمداً في سائر الصَّلَوَات، وهذا الوجه هو المذكور في "التتمة"، و"الوسيط".

وأصحهما: على ما ذكره هاهنا، وبه قال الأكثرون: أنها لا تبطل لثبوت الزيادة عن رسول الله (?) إِلاَّ أنَّ الأربع أولى لاستقرار الأمر عليها واتفاق الأصحاب، وقد حكي عن ابن سريج -رضي الله عنه- أن الاختلافات المَنْقُولة في تَكْبيرات صلاة الجنازة من جملة الاختلاف المباح وأن كل ذلك سائغ، وإن كان مأموماً فزاد إمامه على الأربع فإن قلنا: الزيادة تبطل الصلاة فارقه، وإن قلنا: لا تبطل لم يفارقه، ويتابعه في الزيادة على الأصح من القولين، وهل يسلّم في الحال أو ينتظر ليسلّم معه؟ فيه وجهان:

أظهرهما: ثانيهما. واعلم: أن أركان هذه الصّلاة قد عدّها في الكتاب تسعة، والنية والتكبيرات الأربع خمسة منها، والسادس السلام، وفي وجوب نية الخروج معه ما سبق في سائر الصلوات، ويجوز أن يعلّم بالحاء، لما ذكرنا ثَمَّ هَلْ يَكْفي أن يقول الكلام عليك؟ حكى الإمام تردد الجواب فيه عن الشَّيخ أبي علي، والظاهر المنع.

والسابع قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى. وقال أبو حنيفة ومالك: لا يقرأ فيها شيئاً من القرآن. لنا ما روي عن جابر -رضي الله عنه- أن النّبي "قَرَأَ فِيهَا بأُمِّ القُرْآنِ" (?). وقد قال: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" (?). والسابق إلى الفهم من قوله في الكتاب: "والفاتحة بعد الأولى"، أنه ينبغي أن يكون عُقَيْبهما مقتدمة على الثانية، لكن القَاضِي الروياني وغيره حكوا عن نصه أنه لو أخَرَّ قراءتها إلى التكبيرة الثانية جاز.

والثامن الصَّلاة على النبي بعد الثانية خلافاً لأبي حنيفة ومالك، فإن عندهما لا يجب ذلك كما ذكر في سائر الصلوات. لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ" (?). وهل تجب الصلاة على الآل؟ فيه قولان أو وجهان ذكرناهما في غير هذه الصلاة، وهذه الصلاة أوْلَى بأن لا يجب فيها؛ لأنها مبنيَّة على الاخْتِصَار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015