ومعلوم أن العروس يسرَّح شَعْرها، ثم يُضْجَع على جنبه الأيسر فيصبُّ الماء على شقِّه الأيمن، ثم يضجع على جنبه الأيمن فيصب الماء على شقه الأيسر، هكذا ذكره صاحب الكتاب والإمام في آخرين، والأكثرون زادوا في هذه الكيفية ونقصوا فقالوا: يغسل شقّه الأيمن المقبل من عنقه وصدره وفخذه وساقه وقدمه، ثم يغسل شقّه الأيسر كذلك، ثم يحرفه إلى جنبه الأيسر فيغسل شقّه الأيمن مما يلي القَفَا والظّهر من الكتف إلى القدم، ثم يحرفه إلى جنبه الأيمن، فيغسل شقه الأيسر كذلك، وهذا ما ذكره الشَّافعي -رضي الله عنه- في "المُخْتَصر"، وحكى أصحابنا العِرَاقيون قولاً آخر: أنه يغسل جنبه الأيمن من مقدمه، ويحوله فيغسل جانب ظهره الأيمن، ثم يلقيه على ظهره فيغسل جانبه الأيسر من مقدمه ثم يحوّله ويغسل جانب ظهره الأيسر.

قالوا: وكل واحد من هذين الطَّريقين سائغ والأول أولى، وليس في هذين الطريقين إضجاع على الجانب الأيسر في أوَّل الأمر بل هو مُسْتَلْقٍ فيهما إلى أن يغسل بعضه، ثم يجري الاضجاع فلا بأس لو أعلمت قوله: "ثم يضجع على جنبه الأيسر" بالواو، وإنما أمرناه بالابتداء بالمَيَامِنِ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أمَرَ غَاسِلاَتِ ابنَتِهِ أَنْ يَبْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا" (?). ويجب الاحتراز من كبِّه على الوجه، وإذا عرفت ذلك فاعلم أن جميع ما ذكرناه غسلة واحدة، وهذه الغَسْلَة تكون بالماء، والسدر، والخَطْمِيِّ تنظيفاً، وإنقاء له ثم يصب عليه الماء القرَاح من قَرْنه إلى قدمه، ويستحبّ أن يغسله ثلاثاً، فإن لم يحصل النّقاء والتَّنظيف زاد حتى يحصل، فإن حصل بشفع فالمُستَحَبُّ أن يزيد واحدة ويختم بالوتر، روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لغاسلات ابنته -رضي الله عنها-: "اغْسِلْنَهَا وِتْراً ثَلاَثاً أَوْ خَمْساً أَوْ سَبْعاً" (?).

وهل يسقط الفرض بالغسلة التي فيها السّدر والخَطْمِي؟ ذكر في الكتاب فيه وجهين:

أحدهما: نعم، ونسبه في "النِّهاية" إلى أبي إسحاق المَرْوَزِي، لأن المقصود من غسل الميت التَّنظيف، فالاستعانة بما يزيد في التَّنْظيف ممَّا لا يقدح.

وأظهرهما: لا، لأن التَّغيير به فَاحِشٌ سالب للطهورية، فأشبه ما لو استعمله الحي في وضوءه وغسله وعلى هذا فتلك الغَسْلَة غير محسوبة من الغَسَلاَت الثلاث، وهل تحسب الغسلة الواقعة بعدها؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم، لأنها غسلة بماء طهور لم يخالطه شيء، وهذا أصح عند القاضي الرُّويَانِي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015