يكون اللحظة التي توفر فيها العدد بعد الركوع الأول والضبط فيما قبله ما بيناه.
وقوله: (إذا بقي مع الإمام واحد على رأي واثنان على رأي) يجوز أن يعلم بالواو إشارة إلى القول الرابع، والذي ذكره جواب على قولنا: لأن الجماعة لا يشترط دوامها، وأراد بالرأيين القولين اللذين ذكرناهما، ويجوز أن يعلم قوله: (وعلى قول ثالث) بالواو إشارة إلى الطريقة الممتنعة من إثباته قولاً.
قال الغزالي: الخَامِسُ: فَلاَ يصِحُّ الانْفِرَادُ بِالجُمُعَةِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ (ح) حُضُورُ السُّلْطَانِ فِي جَمَاعَتِهَا وَلاَ إِذْنُهُ (ح).
قال الرافعي: ليس لقائل أن يقول: إذا شرطنا العدد فقد شرطنا الجماعة فلا حاجة إلى إفراد الجماعة وعدها شرطاً برأسه، وذلك لأن العدد والجماعة أمران ينفك كل واحد منهما عن الآخر، أما الجماعة دون العدد فَظَاهِر، إذ ليست الجماعة إلا الارتباط الحاصل بين صلاتي الإمام والمأموم، وذلك مما لا يستدعي العدد، وأما بالعكس فلأن المراد من العدد حضور أربعين بصفة الكمال، وأنه يوجد من غير جماعة، ثم القول في شرائط الجماعة كما سبق في غير الجمعة، ولا يشترط حضور السلطان ولا إذنه، فيها خلافاً لأبي حنيفة، حيث قال: لا تصح إلا خلف الإمام أو مأذونه، وبه قال أحمد في رواية، والأصَحُّ عنه مثل مذهبنا.
لنا "أَنَّ عَلِيًّا أَقَامَ الْجُمُعَةِ وَعُثْمَانُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- مَحْصُورٌ" ونقيس على سائر العبادات، ويجوز أن يعلم قوله في الكتاب: (ولا يشترط) مع الحاء بالألف والواو؛ لأن صاحب "البيان" حكى عن بعض أصحابنا أن للشافعي قول في القديم مثل مذهب أبي حنيفة.
قال الغزالي: وَفِيهِ ثَلاَثُ مَسَائِلَ: الأُولى: إِذَا كانَ الإمَامُ عَبْداً أَوْ مُسَافِراً صَحَّ لِأَنَّهُمَا فِي جُمُعَةٍ مَفْرُوضَةٍ، وَقِيْلَ: لاَ يَصِحُّ إِذَا عَدَدْنَاهُ مِنَ الأرْبَعِيْنَ، وَإِنْ كَانَ مُتَنَفِّلاً أَوْ صَبِيًّا فَقَوْلاَنِ، وإنْ كَانَ مُحْدِثاً فَقَوْلاَنِ مُرَتَّبَانِ، وَإِنْ كَانَ قَائِماً إِلَى الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ سَهْواً فَهُوَ كالمُحْدِثِ فِي حَقِّ مَنْ اقْتَدَى بِهِ جَاهِلاً، وَلَو لَمْ يُدْرِكْ مَعَ المُحْدِثِ إِلاَّ رُكُوعَ الثَّانِيَةِ فَفِي إِدْرَاكِهِ وَجْهَانِ.
قال الرافعي: ذكر ثلاث مسائل تتشعب عن شرط الجماعة.
الأولى في أحوال الإمام، وفيها صور:
إحداها: لو كان إمام الجمعة عبداً أو مسافراً نظر إن كان القوم معه أربعين فلا جمعة؛ لما ذكرنا أن يشترط كون الأربعين بصفات الكمال، وإن كانوا أربعين دونه وهو