المقصود من لفظ الكتاب فقد قال في "التهذيب": تصح الجمعة ولم يذكر غير ذلك.
وقال في "النهاية": تبنى على أن الإمام معدود من الأربعين أم لا، فإن قلنا: لا، فلا بأس، وإن قلنا: نعم فوجهان:
أحدهما: لا تصح الجمعة؛ لأنه إذا عد من العدد المعتبر، فيجب أن يكون على صفات الكمال كغيره أو هو أولى بذلك.
وأظهرهما: الصحة؛ لأن العدد قد تَمَّ بصفة الكمال وجمعة العبد والمسافر صحيحة، وإن لم تلزمها، وقد أشار في الكتاب إلى هذا البناء حيث قال: وقيل: لا تصح إذا عددناه من الأربعين جعل هذا الوجه مفرغاً على عده من الأربعين بعدما حكم بالصِّحة على الإطلاق، واعلم أنه لو كان ذلك الخلاف في أن الإمام هل هو واحد من العدد المشروط أم لا؟ لكان هذا البناء واضحاً، ولكن ذلك الخلاف في أنه هل يشترط أن يكون زائداً على الأربعين أم يُكْتَفَى بأربعين أحدهم الإمام؟ ولا يلزم من الاكتفاء بأربعين أحدهم الإمام أن يكون الإمام واحداً من العدد المشروط إذا زادوا على الأربعين.
وقوله: (صح) معلم بالميم؛ لأنه روي عن مالك أنها لا تَصِحْ خلف العبد، وبالألف؛ لأن عند أحمد لا تصح خلف المسافر، ولا خلف العبد على قوله: لا تجب الجمعة على العبد وعنه اختلاف رواية فيه سيأتي.
وقوله: (لأنهما في جمعة مفروضة) معناه أنهما إذا صَلَّيَا الجمعة صَحَّت منهما وأجزأت عن فريضة الوقت بخلاف الصّور بعد هذه، وفيه إشارة إلى شيء وهو أن الكلام [فيما] (?) إذا لم يُصَلِّ المسافر والعبد الظهر قبل أن أما في الجمعة فإما إذا صَلَّيا الظهر ثم أمَّا فالاقتداء بهما كالاقتداء بالمتنفل، وسنذكره.
الثانية: لو كان إمام الجمعة صبياً فهل تصح جمعة القوم؟ فيه قولان:
أحدهما: نعم قاله في "الإملاء" ووجهه أنه يجوز الاقتداء به في سائر الفرائض فكذلك في الجمعة كالبالغ.
والثاني: لا، قاله في "الأم"؛ لأنه ليس على صفة الكمال، والإمام أولى باعتبار صفة الكمال فيه من غيره، ولأنه لا جمعة عليه وإذا فعلها لا يسقط بها الفرض عن نفسه، إذ لا فرض عليه، بخلاف العبد والمسافر، فإنهما يسقطان بها فرض الظهر، وهذا القول يوافق مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد -رحمهم الله-؛ لأنهم منعوا إمامته