والثاني: أنه يتمها ظهراً؛ لأنه شَكَّ في شرط الجمعة قبل تمامها ومضيها على ظاهر الصِّحَّة، فيعود إلى الأصل وهو الظهر، وهذا كله في حق الإمام والمأمومين الموافقين فأما المسبوق الذي أدرك معه ركعة لو قام إلى تدارك الركعة الثَّانية فخرج الوقت قبل أن يسلم هل تفوت جمعته؟ فيه وجهان:
أصحهما: نعم، كما في حق غيره.
والثاني: لا؛ لأنه تابع للقوم، وقد صحت جمعتهم، فصار كالقدوة فإنها من شرائط الجمعة، ثم هي محطوطة عنه تبعاً لهم وكذلك العدد، ومن قال بالأول فرق بأن اعتناء الشرع برعاية الوقت أكثر، ألا ترى أن أقوال الشافعي -رضي الله عنه- اختلفت في الانقضاض، وإن اختلفت الجماعة، ولم يختلف قوله في أنه إذا وقع شيء من صلاة الإمام بعد خروج الوقت فاتت الجعة.
وقوله: (فلو وقع تسليم الإمام) المراد التسليمة الأولى، فإن الثَّانِيَة غير معدودة من نفس الصَّلاة، بل من لَوَاحِقِها، ولهذا لو قارنها الحدث لم تبطل صلاته، ولعلك تقول: لم قيد بتسليمة الإمام، وما الحكم لو وقعت تسليمة الإمام في الوقت وتسليمة القوم، أو بعضهم خارج الوقت، فاعلم أن التعرض لتسليمة الإمام قد جرى في كلام الشَّافعي -رضي الله عنه- في "المختصر" كما ذكره في الكتاب، ولم أر فيما وجدته من الشروح بحثاً عنه، ويمكن أن يكون التعرض له باعتبار أن وقوع تسليمة الإمام خارج الوقت موجب فوات الجمعة في البقعة مطلقاً، فإنه إذا كان سلامه بعد الوقت فسلام غيره يكون بعد الوقت أيضاً، فأما إذا وقع سلامُه في الوقت وسلام بعضهم بعده فالمُسَلِّمُون خارج الوقت لا شك في أن ظاهر المذهب بطلان صلاتهم، وإن فرض فيه خلاف، وأمما الإمام والمُسلِّمون معه إن بلغوا العدد المعتبر في الجمعة فجمعتهم صحيحة، وإلا فالصورة تشبه مسألة الانفضاض -والله أعلم-.
واعلم أنه سلامه الواقع في وقت العصر إن كان قد علم منه بالحال فيتعذر بناء الظهر عليه لا محالة، وتبطل صلاته إلا أن يغير النِّية إلى النَّفل ثم يسلم ففيه ما سبق في موضعه، وإن كان عن جهل منه فلا تبطل صلاته، وهل يبنى أو يستأنف؟ فيه الخلاف الذي ذكرناه.
قال الغزالي: الثَّانِي دَارُ الإقَامَةِ فَلاَ تُقَامُ الجُمُعَةُ فِي الصَّحَارِي (ح) وَلاَ فِي الخِيَامِ (و) بَلْ تُقَامُ فِي خُطَّةِ قَرْيَةٍ (ح) أَوْ بَلْدَةٍ إِلَى (?) حَدٍّ يَتَرَخَّصُ المُسَافِر إِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ.