وأيضاً فإن الجماعة سُّنة، والتطوعات لا تلزم بالشروع، وهذا أصح القولين.

وعن الإصطخري أنه قطع به، ولم يثبت في المسألة قولين، والأشهر إثباتهما، ثم اختلفوا في محلها على طرق.

أصحها: أن القولين فيمن خرج عن متابعة الإمام بغير عذر، فأما المعذور فيجوز له الخروج بلا خلاف، "وَلهذَا فَارَقَتِ الْفِرْقَةُ الأُولَى رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في صَلاَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، بَعْدَ مَا صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً" (?).

قال إمام الحرمين: والأعذار كثيرة والأقرب المعتبر فيها أن يقال: كل ما يجوز ترك الجماعة به ابتداء يجوز ترك الجماعة به بعد الشروع فيها، وألحقوا بها ما إذا ترك الإمام سُنَّة مقصودةٌ كالتشهد الأول، والقنوت وما إذا لم يصبر على طول القراءة لضعف، أو شغل، وعن الشيخ أبي حامد: ما ينازع في هذا الأخير؛ لأنه حكي في "البيان" عنه أنه جعل انفراد الرجل عن معاذ انفراداً بغير عذر.

والطريق الثاني: أن القولين فيما إذا خرج بغير عذر، فأما غير المعذور لو خرج بطلت صلاتُه قولاً واحداً.

والثالث: أن القولين في الكُلُّ، ويحكى أنه اختيار الحليمي، ونظم الكتاب يوافق هذه الطريقة؛ لأنه جمع بين الحالتين، وأطلق ثلاثة أقوال، وإنما ينتظم ذلك عند من يثبت الخلاف في الحالتين، وإذا كان كذلك فيجوز أن يعلم قوله: (ثلاثة أقوال) بالواو؛ للطريقة الأولى والثانية، فإن كل واحدة منهما لا يثبت الخلاف إلا في حالة؛ ولما نقل عن الإصطخري فإنه نفى الخلاف فيهما.

وعند أبي حنيفة: تبطل صلاته بالمخالفة سواء كان بعذر أو بغير عذر، وعند أحمد: يجوز بالعُذْرِ، ولا يجوز بغير عُذْر في أَصَّحِّ الروايتين.

وقوله: (وعلى كل قول ...) إلى آخره فالغرض منه بيان أن الخلاف فيما إذا قطع المأموم القدوة والإمام في صلاته، فأما إذا انقطعت القدوة لحدث الإمام فليس هذا موضع الخلاف، ولا تبطل صلاة المأموم بحال؛ لأنه لم يحدث شيئاً.

وقوله: (لم تبطل صلاة المأموم) معلم بالحاء؛ لأن عند أبي حنيفة: لو تعمد الحدث بطلت صلاة المأمومين، وكذا لو سبقه الحدث ولم يستخلف.

قال الغزالي: وَالمُنْفَرِدُ إِذَا اقْتَدَى فِي أَثْنَاءِ صَلاَتِهِ لَمْ يَجُزْ فِي الجَدِيدِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015