قال الرافعي: لو أقيمت الجماعة وهو في الصلاة منفرداً نظر، إن كان في فريضة الوقت فقد قال الشافعي -رضي الله عنه- في "المختصر": أحببت أن يكمل ركعتين، ويسلم ويكونان له نافلة، ويبتدي بالصلاة مع الإمام.

ومعناه؛ أن يقطع نِيَّةَ الفريضة وَيقْلِبُهَا نَفْلاً، وفيه وفي نظائره خلاف قدمناه في مسائل النية في "باب صفة الصَّلاَة" ثم ما ذكره فيما إذا كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية ولم يكمل بعد ركعتين، فأما إذا كانت ذات ركعتين أو أكثر وقد قام إلى الثالثة فيتمها ثم يدخل في الجماعة، وإن كان في فائتة فقد قال القاضي الحسين -رحمه الله-: لا يستحب أن يقتصر على ركعتين، ليصلي تلك الصلاة بالجماعة، لأن الفائتة لا تشرع لها الجماعة بخلاف ما لو شرع في الفائتة في يوم غَيْم فانكشف الغيم، وخاف فوات الحاضرة يسلم عن ركعتين، ويشتغل بالحاضرة؛ لأن مراعاة الوقت أولى من مراعاة الجماعة، وإن كان في نافلة وأقيمت الجماعة فإن لم يخش فوتها أتمها، وإن خشيه قطعها ودخل في الجماعة، فأما إذا لم يسلم عن الصَّلاة التي أحرم بها منفرداً واقتدى في خلالها ففيه طريقان:

أصحهما: أن فيه قولين:

أحدهما: لا يجوز وتبطل صلاتُه، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وكذلك أحمد في أصح الروايتين؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَخْتَلِفُوا عَلَى إِمَامِكُمْ".

وهذا يقضي إلى الاختلاف، وأيضاً قال: "فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا" أمر المأموم بأن يكبر إذا كَبَّر الإمام، وهذا كَبَّر قبله.

وأصحهما: أنه يجوز، وبه قال المُزني؛ لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "صَلَّى بِأَصْحَابِهِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي صَلاَتِهِ أَنَّهُ جُنُبٌ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ: كَمَا أَنْتُمْ، وَخَرَجَ وَاغْتَسَلَ وَعَادَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ وَتَحَرَّمَ بِهِمْ" (?).

ومعلوم أنهم أنشأوا اقتداءً جديداً إذ تبين أن الأول لم يكن صحيحاً، وأيضاً فإنه يجوز أن يصلي بعض الصلاة منفرداً ثم يقتدي به جماعةً فيصير إماماً، وكذلك يجوز أن يصير مأموماً بعد ما كان منفرداً.

والطريق الثاني: القطع بالمنع، حكى الطريقين الشيخان أبو محمد، والصيدلاني، وغيرهما، والمشهور إثبات القولين، ثم اختلفوا في محلهما على طرق:

أحدها -وبه قال القاضي أبو حامد-: أن القولين فيما إذا لم يركع المنفرد بعد في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015