الثانية: في قوله: "فلو تابع من غير نية" ما ينبه على أن الحكم بالبطلان فيما إذا انتظره ليركع عند ركوعه، ويسجد عند سجوده، فأما إذا اتفق انقضاء أفعاله مع انقضاء أفعال الإمام، ولم ينتظره فهذا لا يسمى (?) متابعة، وهو غير مبطل للصَّلاَةِ، ذكره في "العدة" وشيئاً آخر وهو أن الوجهين في البُطْلاَن فيما إذا طال الانتظار، فأما الانتظار اليسير فلا يؤثر، ثم لا يجب على المأموم أن يعين في نيته الإمام (?)، بل يكفي نية الاقتداء بالإمام الحاضر (?)، فإن مقصود الجماعة لا يختلف، ولو عين وأخطأ بأن نوى الاقتداء يزيد، فبان أنه عمرو بطلت صلاته، كما لو عين الميت في صلاة الجنازة وأخطأ لا تَصِحّ صلاته، ولو نوى الاقتداء بالحاضر واعتقده زيداً فكان غيره، رأى إمام الحرمين تخريجه على الوجهين فيما إذا قال: بعتك هذا الفرس، وأشار إلى الحمار.

الثانية: اختلاف نية الإمام والمأموم فيما يأتيان به من الصلاة لا يمنع صحة الاقتداء؛ بل يجوز للمؤدي أن يقتدي بالقاضي، وبالعكس، وللمفترض أن يقتدي بالمتنفل وبالعكس، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: لا يجوز اقتداء المتنفل بالمفترض، وبه قال أحمد في أصح الروايتين، وكذلك مالك ويروى عنه المنع مطلقاً.

واحتج الشافعي -رضي الله عنه- بما روي عن جابر -رضي الله عنه- قال: "كَانَ مُعَاذَ -رَضِيَ الله عَنْهُ- يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الْعِشَاءَ؛ ثُمَّ يَنْطَلِقُ إِلَى قَوْمِهِ، فَيُصَلِّيهَا بِهِمْ، هِيَ لَهُ تَطَوَّعٌ وَلَهُمْ مَكتُوبَةٌ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015