قال الرافعي: في الفصل ثلاث مسائل:

إحداها: أن من شروط الاقتداء أن ينوي المأموم الجماعة أو الاقتداء (?)، وإلا فلا تكون صلاته صلاة جماعة، إذ ليس للمرء من عمله إلا ما نَوَاه، وينبغي أن تكون مقرونةً بالتكبير، كسائر ما ينويه من صفات الصَّلاَة، وإذا ترك نِيَّةَ الاقتداء انعقدت صلاته منفرداً، ثم لو تابع الإمام في أفعاله فهل تبطل صلاته؟ فيه وجهان، نقلهما صاحب "التتمة" وغيره.

أحدهما: لا؛ لأنه أتى بواجبات الصَّلاَة، وليس فيه إلا أنه قارن فعله فعل غيره.

وأصحهما -وهو المذكور في الكتاب-: نعم: لأنه وقف صلاته على صلاة غيره، لا لاكتساب فضيلة الجماعة، وفيه ما يشغل القلب، وما يسلب الخشوع فيمنع منه، وإذا فرعنا على هذا الوجه فلو شك في نية الاقتداء في أثناء الصلاة نظر، إن تذكر قبل إن أحدث فعلاً على متابعة الإمام لم يضر، وإن تذكر بعد ما أحدث فعلاً على متابعته بطلت صلاتُه؛ لأنه في حالة الشَّكِّ في حكم المنفرد، وليس للمنفرد أن يتابعِ غيره في الأفعال، حتى لو عرض هذا الشك في التّشهد الأخير، لا يجوز أن يقف سلامه على سَلام الإمام، هكذا نقل صاحب "التهذيب" وغيره، وهو مقيس بما إذا شك في أصل النية، وقياس ما ذكره في الكتاب في تلك المسألة أن يفرق بين أن يمضي مع هذا الشك ركن لا يزاد مثله في الصلاة، وبين أن يمضي غيره ويمكنك أن تستفيد من لفظ الكتاب في المسألة فائدتان:

إحداهما: أن تبحث فتقول: اللفظ مطلق يشمل صلاة الجمعة وغيرها، فهل تجب فيها نية الجماعة أيضاً جرياً على إطلاق اللفظ أم لا؟ والجواب: اْنهم حكوا فيه وجهين:

أحدهما: لا؛ لأن صلاة الجمعة لا تصح إلا بالجماعة، فلا حاجة إلى التعرض لها.

وأصحهما: نعم؛ لتتعلق صلاته بصلاة الإمام، فعلى هذا الأصح اللفظ مجرى على إطلاقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015