من قال: لا يكون رجوعاً؛ لأنه قد ينص في موضع واحد على قولين، فيجوز أن يذكرهما متعاقبين، فعلى هذا يخرج قول آخر في الجديد كما سبق، وإذا أثبتنا القول الشاك فأبو إسحاق مسبوق به؛ لأنه قد ذهب إليه المزني، وخرجه على أصول الشافعي -رضي الله عنه- وعكس صاحب الكتاب في "الوسيط" ما ذكره الجمهور في القول الثاني، والثالث فجعل الثاني قولاً مخرجاً، والثالث منصوصه في القديم، ثم الأمي على أصلنا هو الذي لا يحسن بعض الفاتحة أو كلّها؛ لِخَرَسٍ ونحوه، ويدخل في هذا التفسير الأَرَت وهو الذي يدغم حرفًا في حرف في غير موضع الإدغام.

وقال في "التهذيب": هو الذي يبدل الراء بالتاء، والألثغ: وهو الذي يبدل حرفاً بحرفٍ كالسِّين بالثَّاء، فيقول: "المثتقيم" أو الراء بالغين فيقول: "غيغ المغضوب" ويدخل الذي في لسانه رخاوة تمنع أصل التشديدات، والخلاف الذي ذكرناه في اقتداء القارئ بالأمي فيما إذا لم يطاوعه لسان، أو طاوعه لكن لم يمض عليه من الزمان ما يمكنه التَعَلُّم فيه، فإذا مضى وقَصَّرَ بترك التعلم فلا يقتدي به بلا خلاف؛ لأن صلاته حينئذ مقضية يؤتى بها لِحَقِّ الوقت كصلاة من لم يقدر على الماء والتراب، ويجوز اقتداء الأمي بأمي مثله لاستوائهما في النقصان كاقْتضاء المرأة بالمرأة، [ولو] حضر رجلان كل واحد منهما يحسن بعض الفاتحة، إن كان ما يحسنه هذا يحسنه ذاك جاز اقتداء كل واحد منهما بالآخر، وإن أحسن أحدهما غير ما يحسنه الآخر فاقتداء أحدهما بالآخر كاقتداء القارئ بالأمي، ففي الخلاف الذي سبق، وعليه يخرج اقتداء الأرث بالألثغ، وبالعكس؛ لأن كل واحد منهما قارئ ما ليس صاحبه فيه بقارئ.

وتكره إمامة التمتام والفأفاء (?)، ويجوز الاقتداء بهما؛ لأنهما لا ينقصان شيئاً ويزيدان زيادة هما معذوران فيها، وتكره إمامة من يلحن في القراءة، ثم ننظر إن كان لحناً لا يغير المعنى ولا يبطله كرفع الحاء من الحمد لله فتجوز صلاته، وصلاة من اقتدى به، وإن كان بغير المعنى كقوله: أنعمتُ عليهم أو يبطله كقوله: بالمستقين، فإن كان يطاوعه لسانه ويمكنه التعلم فْيلزمه ذلك، فلو قَصَّر وضاق الوقت صَلَّى وقَضَى، ولا يجوز الاقتداء به، وإن لم يطاوعه لسانه أو لم يمض ما يمكن التعلم به، فإن كان في الفاتحة فصلاة مثله خلفه صحيحة، وصلاة صحيح اللسان خلفه كاقتداء القارئ بالأمي، وإن كان في غير الفاتحة صحت صلاته وصلاة من خلفه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015