أحدهما: يجوز، لأن الصلاتين متماثلتان، فيجزئ الاقتداء فيهما، ثم يقضيان.

والثاني: لا؛ لأن ربط الاقتداء بما لا يعتد به كربط الاقتضاء بالصَّلاَةِ الفَاسِدَةِ، وهذا أوفق لإطلاق الأكثرين حيث منعوا الاقتداء به، ولم يفصلوا في معنى صلاة من لم يجد ماء، ولا ترابًا صلاة المقيم المتيمم لعدم الماء، وصلاة من أمكنه أن يتعلم الفاتحة، فلم يتعلم ثم صلى لحق الوقت، وصلاة العاري، وصلاة المربوط على الخشبة إذا ألزمناه الإعادة على هؤلاء، وقد سبق بيان الخلاف فيه، أما إذا صَحَّتْ الصلاة صحة مغنية عن القضاء فلا يخلو الحال، إما أن يكون المصلي مأموماً أو لا يكون، فإن كان مأموماً لم يجز الاقتداء به؛ لأنه تابع لغيره، ويلحقه سهو ذلك الغير، ومنصب الإمام يقتضي الاستقلال وتحمل سهو الغير فلا يجتمعان، ولو رأى رجلين واقفين أحدهما بجنب الآخر يصليان جماعة، وتردد في أن الإمام هذا أم ذاك لم يجز الاقتداء بواحد منهما حق يتبين له الإمام، ولو التبس على الواقفين فاعتقد كل واحد منهما أنه المأموم فصلاتهما باطلة؛ لأن كل واحد منهما مقتد بمن يقصد الائتمام، وكذلك لو كان كل واحد منهما شاكاً. لا يدري أنه إمام أو مأموم فصلاتهما باطلة، وإن اعتقد كل واحد منهما أنه إمام صحت صلاتهما، وإن شك أحدهما في حالة دون الآخر بطلت صلاة الشَّاك، وغير الشاك إن ظن أنه إمام صحت صلاته، وإن ظن أنه مأموم فَلاَ، وإن لم يكن المصلي مأموماً فلا يخلو إما أن يُخِلَّ بالقراءة أو لا يُخِلَّ، فإن أَخَلَّ بأن كان أُمِيًّا ففي صحة اقتداء القارئ به قولان:

الجديد: أنه لا يصح، وبه قال أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدْ؛ لأن الإمام يصدر لحمل القراءة عن المأموم بحق الإمامة بدليل المسبوق، فإذا لم يحسنها لم يصلح للتحمل.

والقديم: أنه إن كانت الصَّلاَةُ سِريّةً صَح الاقتداء، وإلا فلا؛ بناء على القول القديم في أن المأموم لا يقرأ في الجهرية بل يتحمل عنه الإمام، فإذا لم يحسن القراءة لم يصلح للتحمل، وفي السرية يقرأ المأموم لنفسه، فيجزئه ذلك، هذا نقل جمهور الأصحاب، منهم الشيخ أبو حامد، والقاضي ابن كج والصيدلاني، والمسعودي، وذكر معظمهم أن أبا إسحاق خرج قولاً ثالثاً على الجديد: أن الاقتداء [به] صحيح، سواء كانت الصَّلاَةُ سريةٌ أو جهرية، لأن المأموم تلزمه القراءة في الحالتين فيجزئه ذلك، كما قال بإجزائه في السِّرِّيَّةِ في القديم، ومنهم من لم يثبت هذا القول الثالث، ومأخذ الطريقتين على ما ذكره الصيدلاني أن أصحابنا اختلفوا في نصين للشافعي -رضي الله عنه- خالف الآخر الأول هل يكون الآخر رجوعاً عن الأول أم لا؟ منهم من قال: نعم، فعلى هذا لا يأتي في الجديد إلا قول واحد أنه لا يصح اقتداء (?) القاري بالأمي، ومنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015