قال إمام الحرمين: ولو قيل: ليس لهذا الذي يلحن في غير الفاتحة [أن] (?) يقرأ ما يلحن فيه؛ لأنه يتكلم في صلاته بما ليس من القرآن، ولا ضرورة إليه لما كان بعيداً -والله أعلم-.

هذا تمام قسم الإخلال، وإن لم يخل بالقراءة فلا يخلو إما أن يكون رجلاً، أو امرأة، أو خنثى مشكل، فأما الرجل فيصح اقتداء الرجال والنساء به، وأما المرأة فيصح اقتداء النساء بها، ولا يصح اقتداء الرجل بها؛ لما روي: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَلاَ لاَ تُؤمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلاً، وَلاَ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِراً" (?).

ولا يجوز اقتداء الخنثى بها أيضاً؛ لجواز أن يكون رجلاً، وأما الخنثى فيجوز اقتداء المرأة به؛ لأنه إما رجل، أو امرأة، واقتداؤهما بالصنفين جائز، ولا يجوز اقتداء الرجل به؛ لاحتمال أنه امرأة، ولا أقتداء مشكل آخر؛ لاحتمال أن يكون الإمام امرأة والمأموم رجلاً، وحيث حكمنا بصحة الاقتداء فلا بأس يكون الإمام متيمماً أو ماسحاً على الخف، وكون المأموم متوضئاً أو غاسلاً، ويجوز أيضاً اقتداء السليم بسلس البول، والطاهرة بالمستحاضة التي ليست بمتحيرة في أصح الوجهين، كما يجوز الاقتداء بمن استجمر، وبمن على ثوبه أو بدنه نجاسة معفو عنها.

والثاني -وبه قال أبو حنيفة-: لا يجوز؛ لأن صلاتهما صلاة ضرورة، ولا بأس بصلاة القائم خلف القاعد، خلافاً لمالك حيث قال: لا يجوز ذلك، ولأحمد حيث قال: إذا قعد الإمام قعد القوم خلفه، لنا ما روي: أنه -صلى الله عليه وسلم- "صَلَّى قَاعِداً، وأَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَالنَّاسُ خَلفَهُ قِيَامٌ" (?). وبجوز اقتداء القائم والقاعد بالمضطجع، خلافاً لأبي حنيفة.

لنا: القياس على الصورة السابقة، فإنه سلمها: هذا آخر التقسيم، وقد تبين به الأوصاف المشروطة في الإمام.

ونعود الآن إلى ما يتعلق بلفظ الكتاب.

وقوله: (وكل من لا تصح صلاته صحة تغنيه عن القضاء) يدخل فيه من لا تصح صلاته أصلاً، ومن تصح صلاته صحة غير مغنية عن القضاء؛ لأن كل صلاة ليس لها نفس الصحة ليس لها الصحة الخاصة، وحكم الضربين ما ذكره.

وقوله: "فلا يصح الاقتداء به" مطلق، وظاهره يقتضي أن لا يصح اقتداء من لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015