بَاطِلَةَ، ووجه ذلك بأنه كالمعترف بأن بَيَّنَتَهُ مما لا يَجُوزُ الحكم بها (?) (?).
وقوله في الكتاب: "ويعذر بأنه لم يَعْلَمْ أن له بَيِّنَةً". هذا الاعْتِذَارُ ليس بِشَرْطٍ لإقامة البَيِّنَةِ، على ما تَقَرَّرَ من أصلنا. نعم، حُكِيَ في "التهذيب": أن مالكاً قال: إن كان عالماً عند التَّحْلِيفِ أنَّه له بَيِّنَةً، بَطَلَ حَقُّهُ عن البينة، يجوز أن يُعَلمَ لذلك قوله: "بل للمدعي بعد ذلك أن يُقِيمَ البَيِّنَةَ" بالميم. والله أعلم.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ: حَلِّفْنِي مَرَّةً فَلْيَحْلِف عَلَى أَنَّهُ ما حَلَّفَنِي سُمِعَ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، فَلَوْ أَجَابَهُ بِأنَّهُ حَلَّفَنِي مَرَّةً عَلَى أَنَّنِي مَا حَلَّفْتهُ فَلْيَحْلِف عَلَى أَنَّهُ مَا حَلَّفَنِي لَمْ يُسْمَعْ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَسَلْسَلُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا طلب المُدَّعِيَ يَمِينَ المُدَّعَى عليه، بين يَدَي الحَاكِمِ، فقال المُدَّعَى عليه للحاكم: قد حَلَّفَنِي مَرَّةً على هذا بالْتِمَاسِهِ، وليس له تَحْلِيفِي، فإن كان القاضي يَحْفَظُ ما يقوله، لم يحلفه. ومنع المدعي مما يَبْغِيهِ، وإن لم يحفظه، حَلَّفَهُ، ولا تَنْفَعُ إقَامَةُ البَيِّنَةِ فيه؛ لما مَرَّ أن القاضي متى يذكر حكمه، أَمْضَاهُ، وإلا لم يعتمد على البَيِّنَةِ. وعن ابن القَاصِّ: يجوز سَمَاعُ البَيِّنَةِ فيه، حكاه القاضي أبو سَعْدٍ الهروي. وحَقُّهُ الطَّرْدُ في كل باب. وإن قال حَلَّفني عند قَاضٍ آخر، أو أطلق، وأراد تَحْلِيفَهُ عليه، فوجهان عن أبي سعيدٍ الإصطخري:
أحدهما: المنع؛ ويُحْكَى هذا عن ابن القَاصِّ، وذلك لأنه لا يَأْمَنُ أن يَدَّعِيَ المُدَّعِي أنَّه حَلَّفَهُ على أنَّه ما حلفه. وهكذا يَدُورُ الأَمْرُ، ولا ينفصل.
وأظهرهما: وهو المذكور في "التهذيب" وغيره: أنه يُمَكَّنُ منه؛ لأنه محتمل غير مستبعد، ولا يُسْمَعْ مِثْلُ ذلك من المدعي، كيلا يَتَسَلْسَلَ، وعلى هذا، فإن كانت له