بَيِّنَةٌ، أقامها، وتخلص عن الخُصُومَةِ، وإن استمهل ليقيم (?) البَيِّنَةَ، فقياس البَيِّنَاتِ الدَّوَافِع أن يُمْهَلَ ثلاثاً (?). وعن القاضي الحسين: أنَّه قال: أَرَى ألا يُمْهَلَ أَكْثَرَ من يوم؛ لأنه كالمُرَاوغِ المُتَعَنِّتِ. وإن لم تكن بَيِّنَةٌ، حلف المدعي: انه ما حَلَّفَهُ، ثم يُطْلَبُ المَالُ (?).
وإن نَكَلَ، حَلَفَ المُدَّعَى عليه، وسَقَطَتِ الدعوى، فلو أراد أن يَحْلِفَ يمين (?) الأصل، لا يمين التحليف المَرْدُودَة عليه.
قال في "التهذيب": ليس له ذلك، إلا بعد اسْتِئنَافِ الدَّعْوَى؛ لأنهما الآن في دَعْوَى أخرى. ولو قال المدعي في جَوَاب المُدَّعَى عليه: قد حَلَّفَنِي مَرَّةً على أني ما حَلَّفْتُهُ مَرَّةً، وأراد تَحْلِيفَهُ، لم يجب؛ لأنه يُفْضِي إلى ما لا يَتنَاهَى.
ولو ادَّعَى مالاً على رَجُلٍ، فأنكر، وحلف، ثم جاء المُدَّعِي بعد أيام، وقال: حَلَفْتُ يومئذ لأنك كنت مُعْسِراً، ولم يلزمك تَسْلِيمُ شَيْءٍ إِلَيَّ، فقد أَيْسَرْتَ الآن فهل تُسْمَعُ؟
فيه وجهان:
في وجه: تُسْمَعُ، ويحلف المدعى عليه لإمْكَانِهِ.
وفي وجه: لا؛ لأنه لا يَتَنَاهَى، ويفضي إلى ألا ينفَصِلَ الأَمْرُ بينهما بحال (?).
إنما يحلف المُدَّعَى عليه إذا طلب المُدَّعِي يَمِينَهُ، فإن لم يطلب فلم يقلع عن المُخَاصَمَةِ، لم يحلفه القاضي، ولو حلفه، لم يُعْتَدَّ بتلك اليَمِينِ. وحكى أبو الفَرَج الزَّازُ وَجْهاً آخر: أنَّه لا يَتَوَقَّفُ التَّحْلِيفُ على طلبه؛ لأن للمدعى عليه عِوَضاً عن (?) اليمين، وهو سُقُوطُ المُطَالَبَةِ والمُلاَزَمَةِ، وادعى أن هذا الوَجْهَ أَصَحُّ، ونقله القاضي أبو سَعْدٍ الهَرَوِيُّ عن القَفَّالِ الشاشي والمشهور الأَوَّلُ، وإن امتنع من تحليفه بالدعوى