والثاني: أن نِصْفَ الغُرْمِ عليه، ونصفه عليهن، بخلاف الرَّضَاع؛ لأن المَالَ لا يَثْبُتُ بشهادة النِّسَاءِ -وإن كَثرن - فنصف الحُجَّةِ. تقوم بالرجل مَعَهُنّ كم كُنّ.
ويُحْكَى الوَجْهُ عن أبي حَنِيْفَةَ، ومالك، وأبي إِسْحَاقَ، وابن القَاصِّ، وبه أجاب كَثِيرٌ من العِرَاقِيِّينَ. لكن الثاني -أَقْوَى من جهة المعنى- ويُرْوَى عن ابن سُرَيْجٍ، واختيار القَفَّالِ، والشيخ أبي عَلِيٍّ، والإمام، وصاحب "التهذيب"، وهو المذكور في الكتاب، وإذا قلنا به، فلو رَجَعَ النِّسَاءُ، فعليهن نِصْفُ الغُرْمِ. ولو رجعت امْرَأتَانِ، فلا شَيْءَ عليهما لِبَقَاءِ الحُجَّةِ على الأَصَحِّ، كما (?) حكينا عن اختيار المُزَنِي، وأبي إِسْحَاقَ، عليهما ربع الغُرْمِ.
ولو شهد رَجُلٌ وعشر نسوة، ورجعوا، فعلى الرجل نِصْفُ الغرم، وعلى النسوة النصف، إذا قلنا بالأصح، وعلى الوجه الآخر، على الرجل سُدُسُ الغرم، والباقي عليهن. ولو رجع الرجل دُونَهُنَّ، فعلى الرجل النِّصْفُ على الأَصَحِّ، وعلى الآخر عليه السدس.
ولو رجع النساء دُونَهُ، فعليهن نِصْفُ الغرم [على الأصح] (?) وعلى الوجه الآخر، خمسة أسداسه، وإذا عَلَّقْنَا نِصْفَ الغُرْم برجوع الرجل، فلو رَجَعَ مع ثَمَانِ نسوة، فعليه النصف، ولا شَيْءَ عليهن؛ بنَاءً على أنه لا يثبت بشهادتهن إلا نصف الحق، وقد بَقِيَ من النساء من يتم (?) به الحَقُّ، وعلى ما اختاره المُزَنِيُّ، عليهن أربعة أخماس النِّصْفِ، كما لو رَجَعُوا جميعاً. ولو رجعوا (?) مع تِسْعِ نسوة، فعليه النِّصْفُ، وعليهن الرُّبُعُ، لبقاء ربع الحُجَّةِ، وعلى ما اخْتَارَهُ، عليهن تِسْعَةُ أعشار النصف.
وإن رجع ثَمَانِ نسوة لا غَيْرَ، فلا شَيْءَ عليهن؛ لبقاء نِصْفِ الحُجَّةِ التي تتعلق بهن، وعلى ما اخْتَارَاهُ عليهن أربعة أخماس النِّصْفِ.
وقوله في الكتاب: "ولو شهد على المال رجل وامرأتان، أو عشر"، إنما قال: "أو عشر"، إِشَارَةً إلى أنه لا فَرْقَ على وَجْهِ التنصيف [بين] (?) أن يَقِلَّ عَدَدُ النساء، أو يَكْثُر.
ويجوز أن يُعَلَّمَ بالواو لِلْوَجْهِ الآخَرِ المذكور في صورة العشر، أما في صورة الرجل والمرأتين، لا يَخْتَلِفُ تَفْرِيعُ الوجهين.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَفِي وُجُوبِ الغُرْمِ عَلَى شُهُودِ الإِحْصَانِ مَعَ شُهُودِ الزِّنَا ثَلاَثةُ أَقْوَالٍ: (أَحَدُهَا): لاَ يَجِبُ شَيْءٌ (والثَّانِي): أَنَّهُ يَجِبُ الشَّطْرُ عَلَيْهِمْ (وَالثَّالِثُ:) أنَّهُ يَجِبُ الثُّلُثُ