ورَجَّحَ صاحب "التهذيب" وغيره من هذين الوجهين وُجُوبَ النِّصْفِ على الراجعين من الثلاثة، وفاء برجحان (?) الأصل المَبْنِيّ عليه، وهو أنه لا غُرْمَ هناك.
وفي "الشامل": أن الأَصَحَّ وُجُوبُ الثلثين عليهما؛ لأن البَيِّنَةَ إذا نقص عَدَدُهَا، زَالَ حُكْمُهَا، وصار الضَّمَانُ مُتَعَلِّقَاً بالإِتْلاَفِ، وقد استوفى فيه.
وهذا كله فيما إذا كان جميع الشُّهُودِ ذُكُوراً، أو إِنَاثاً، كما في الرَّضَاعِ، وما يثبت بشهادة النِّسَاءِ المُتَمَحِّضَاتِ.
أما إذا انْقَسَمُوا إلى الذُّكُورِ، والإنَاثِ، فإن لم يَزِيدُوا على أقل ما يكفي، كَرَجُلٍ وامرأتين في الرَّضَاع، أو في الأَمْوَالِ، فنصف الغُرْمِ على الرَّجُلِ عند الرجوع، وعلى كُلِّ وَاحِدَةٍ منهما الرُّبُعُ. وإن زادوا على الأَقَلِّ، فالمشهود به: إما أن يثبت بشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ، أو لا يثبت.
القسم الأول: ما يَثْبُتُ بشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ، كالرَّضَاعِ، وهو مؤخر (?) في نَظْمِ الكتاب. فإذا شَهَدَ أربع نِسْوَةٍ مع رجل، وَرَجَعُوا جميعاً، فعلى الرَّجُلِ ثُلُثُ الغُرْم، وعليهن ثُلُثَاهُ، وإن رجع الرَّجُلُ وَحْدَهُ، فلا شَيْءَ على أصح الوجهين؛ لبقاء الحُجَّةِ. وكذا لو رجعت امْرَأَتَانِ. وعلى الثاني عليه أو عليهما ثُلُثُ الغُرْمِ.
ولو شهد رَجُلٌ وعشر نِسْوَةٍ، ورجعوا، فَعَلَيهِ سدس الغُرْمِ، وعلى كل واحدة نِصْفُ سدسه. وإن رجع (?) الرجلَ وَحْدَهُ، أو مع واحدة، أو اثْنَتَيْنِ، أو ثلاث، أو أربع، أو خمس، أو سِتّ، فلا غُرْمَ على الأصح؛ لبقاء الحُجَّةِ.
وعلى الثاني -يجب على من رجع حِصَّتُهُ، وإن رَجَعَ مع سَبْعٍ، فعلى أظهر الوجهين السَّابقين، عليهم رُبُعُ الغُرْمِ؛ لِبُطْلاَنِ رُبع الحجة، وإن رجع [مع ثمان، فَنِصْفُهُ؛ لبطلان نِصْفِ الحُجَّةِ، وإن رجع] (?) مع تسع، فعليه ثَلاثةُ أَرْبَاعٍ؛ فيكون ما على الذَّكَرِ مِثْلُ ما على الأُنْثَيَيْنِ.
وعلى الوجه الثاني -عليهم ما هو حِصَّتُهُمْ، لو رجعوا جَمِيعاً. ولو رجع النساء وَحْدَهُنَّ، فعليهن نِصْفُ الغُرْمِ في أَظْهَرِ الوَجْهَيْنِ. وخمسة أسداسه في الثاني.
والقسم الثاني: ما لا يَثْبُتُ بشَهَادَةِ النِّسَاءِ المُتَمَحِّضَاتِ، كالأَمْوَالِ؛ فإذا أوجبنا الغُرْمَ فيها بالرُّجُوعِ، فشهد رَجُلٌ وأربع نسوة، ورَجَعُوا، فوجهان:
أحدهما: أن على الرجل ثُلُثَ الغُرْمِ، وعليهن ثُلُثَاهُ، كما في الرّضاعِ.