ويَدْخُلُ فيه، ما إذا قال: لم أعلم أنه يُقْتَلُ بِقَولِي؛ لأنني ظننت أني أجرح (?) بأسباب تَقْتَضِي الجرح، ويمكن أن يجعل هذا خَطَأً.
قوله: "ولو ضربه ضَرْباً يقتل المَرِيضَ دون الصحيح". هذه الصُّورَةُ مُكَرَّرَةٌ، وغرض الاسْتِشْهَادِ على ما حَكَيْنَا عن الإِمام دعى إلى إعادتها.
فرع:
حكى القاضي ابنُ كَجٍّ: أن أبا الحُسَيْنِ قال: لو رجع المَشْهُودُ، وقالوا: أَخْطَأْنَا، وادَّعَوْا: أن العَاقِلَةَ تَعْرِفُ أنهم أَخْطَأوُا، وعليهم الدِّيَةُ، فقالت العَاقِلَةُ: لا نَعْلَمُ، ليس للمشهود تَحْلِيفُهُم، وإنما يُطالب العاقلة، إذا قامت البَيِّنَةُ قال القاضي: ويُحْتَمَلُ أن يُقَالَ: لهم تَحْلِيفُهُمْ؛ لأنهم لو أَقَرُّوا، لَغَرِمُوا. والله أعلم.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: الطَّرَفُ الثَّانِي فِي البُضْعِ فَإذَا رَجَعُوا بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى الطَّلاَقِ، وَبَعْدَ القَضَاءِ، نَفَذَ الطَّلاَقُ، وَعلَيْهِمُ الغُرْمُ، وَكَذَا فِي العِتْقِ وَالرَّضَاعِ المُحَرَّمِ.
قَالَ الرَّافعِيُّ: النوع الثَّانِي مما يَتَعَذَّرُ تَدَارُكُهُ غير العُقُوبَاتِ، فمنه الأَبْضَاعُ، فإذا شَهِدَ على طَلاَقٍ بَائِنٍ، كالطَّلاَقِ بالعِوَضِ، والطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ، أو على رَضَاعٍ مُحَرَّمٍ، أو لِعَانٍ، أو فَسْخٍ بِعَيْبٍ، أو غيرها من جهات الفِرَاقِ، وقضى القاضي بشَهَادَتِهِمَا، ثم رَجَعَا، لم يُرَدَّ الفِرَاقُ؛ لأن قولهما في الرُّجوعِ محتمل، فلا يُرَدُّ القَضَاءُ بِقَوْلٍ محتمل. لكن يجب الغُرْمُ على الشَّاهِدِينَ، سواء كان قَبْلَ الدُّخُولِ، أو بعده؛ لأنهم فَوَّتَا عليه ما يَتَقَوَّمُ، فَيُغَرَّمَانِ، كما لو شَهِدَا بِعِتْقِ عَبْدٍ، ثم رجعا.
وقال أبو حَنِيْفَةَ، ومالك، وأحمد -رحمهم الله-: لا غُرْمَ عليهما بعد الدُّخُولِ، ثم الذي يُغَرَّمَانِ عندنا بعد الدخول، مَهْرُ المِثْلِ بِتَمَامِهِ؛ لأنه قِيمَةُ مَا فَوَّتَاهُ، وفيه قول: أنهما يُغَرَّمَانِ المُسَمَّى؛ لأنه الذي فَاتَ على الزَّوجِ مُتَقَوّماً، والبُضْعُ ليس بِمُتَقَوِّمٍ في الحقيقة.
وأما قبل الدخول، فَرِوَايَةُ المُزَنِيِّ: أنهما يُغَرَّمَانِ مَهْرَ المِثْلِ بتَمَامِهِ، ويُحْكَى مِثْلُهُ عن رواية حَرْمَلَةَ، وروى الربيع: أنهما يُغَرَّمَانِ نِصْفَ مَهْرِ المِثْلِ.
ونص فيما إذا أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الكبيرة زَوجَتَهُ الصغيرة، وانْفَسَخَ النكاح: أن الكَبِيرَةَ تُغَرَّمُ نِصْفَ مَهْرِ المِثْلِ للصغيرة.
وللأصحاب -رحمهم الله- طُرُقٌ في مسألة الشهود:
أظهرهما: إثبات قولين: إما أَخْذَاً بِرِوَايَةِ راويي المَذْهَبِ، الربيع والمزني -رضي