قال الشيخ أبو الفَرَجِ: وهذا إذا دُعِيَ لِيَتَحَمَّل، فأما إذا أَتاهُ المحمل، فليس لِلتَّحَمُّلِ، والحالة هذه، أُجْرَةٌ، وليس له أن يَأْخُذَ شَيْئاً.
واعلم أن قَضيَّةَ قولنا: إنه يَطْلُبُ الأُجْرَةَ، [إذا دُعِيَ للتحمل، أن يَطْلُبَ الأُجْرَةَ] (?)، إذا دعي للأداء، من غير فَرْقٍ بين أن يكون القَاضِي مَعَهُ فِي البَلَدِ، أو لا يكون. كما لا فَرْقَ في التَّحَمُّلِ، وأن يكون النَّظَرُ إلى الأُجْرَةِ مُطْلَقاً، لا إلى نَفَقَةِ الطريق، وكذا المركوب خَاصَّةً. ثم هو يَصْرِفُ المَأْخُوذَ إلى ما يشاء، ولا يَمْنَعُ من ذلك كَوْنُ الأَدَاءِ فَرْضاً عليه، كما ذكرنا في التَّحَمُّلِ مع تَعيُّنِهِ على أَظْهَرِ الوَجْهَيْنِ (?).
والثالث: كتابة الصُّكُوك؛ هل هي من فُرُوضِ الكِفَايَاتِ؟ فيه وجهان:
أشبههما: وهو المَذْكُورُ في أمالي أبي الفرج السَّرَخْسِيِّ نعم؛ لأنه لا يُسْتَغْنَى عنها في عِصْمَةِ الحُقُوقِ، والأَمْوَالِ، ولها أَثَرٌ ظَاهِرٌ في التَّذَكُّرِ.
وإن لم يَجُزِ الاعْتِمَادُ على الخَطِّ وَحْدَهُ، وهما كالوجهين في التحمل، لكن التَّحَمُّلَ أَوْلَى بالإفْرَاضِ؛ لأن الحُجَّةَ بالشهود (?) لا بالكِتَابِ.
وإن قلنا: لا تجب الكِتَابَةُ أو قلنا: تَجِبُ. ولم يَتَعيَّن الشَّخْصُ للكتابة، فله طَلَبُ الأُجْرَةِ. وإن تَعَيَّنَ، فكذلك في أَظْهَرِ الوجهين. وهذا إذا لم يَرْزُق الإِمَامُ لِكَاتِب الصُّكُوكِ من بَيْتِ المال، فإن رزق، قَنَعَ به، ولا أُجْرَةَ له.
وقوله في الكتاب: "إلا أجرة المركوب"، يجوز أن يُعَلَّمَ بالواو لما نَقَلْنَا من تَعْليقِ الشَّيْخِ أبي حَامِدٍ.
وكذا قوله: "ثم له أن [لا] يركب"؛ لأحد الوجهين المَحْكِيَّيْنِ عن "التهذيب".
ويمكن أن يُعَلَمَ قوله: "والكاتب يَسْتَحِقُّ" أيضاً لأنه مطلق، وقد عَرَفْتَ وَجْهاً: أنه لا يَسْتَحِقُّ، إذا قلنا: إن الكتابة (?) فَرْضٌ وتعين.