النَّاسِ، فيكون الحُكْمُ، كما ذكرنا في القاضي. وأما مَالُ المَشْهُودِ له، فليس لِلشَّاهِدِ أَخْذُ أُجْرةٍ على أَدَاءِ الشهادة، وَوَجَّهُوهُ، بأن الأدَاءَ فَرْضٌ، فَتَوَجَّهَ عليه، فلا يَأْخُذُ عليه شيئاً (?). وقد يوجَّهُ أيضاً, بأنه كَلامٌ يَسِيرٌ، لا أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ، وأما إتيان القاضي والحضُورُ عنده، فقد أَطْلَقَ صَاحِبُ الكتاب: أن له أن يَطْلُبَ أجْرَةَ المَرْكُوب، من غير فَرْقٍ بين أن يَكُونَ القَاضِي معه في البَلَدِ، أو لا يكون لكنه على مَا حَكَى الإمَامُ، وصاحب "التهذيب"، مَخْصُوصٌ بما إذا لم يكن معه في البَلَدِ، بل كان يَأْتِيهِ من مَسَافَةِ العَدْوَى، فما فوقها.
فأما إذا كان مَعَهُ في البَلَدِ، فلا يأخذ شَيْئَاً. وضم في "التهذيب" نَفَقَةَ الطَّرِيق، إلى أُجْرَةِ المَرْكُوبِ. وَحَكَى وَجْهَيْنِ فيما لو دَفَعَ إليه شَيْئاً لِيَصْرِفَهُ إلى نَفَقَةِ الطَّرِيقِ.
وكذا المَرْكُوبُ، وهل له أن يَصْرِفَهُ إلى غَرَضٍ آخَر، ويَمْشِي رَاجِلاً؟ -قال: وهما كالوَجْهَيْنِ، فيما إذا دَفَعَ إلى فَقِيرٍ شَيْئًا، قال: اشتر به لنفسك ثَوْباً، هل له أن يصرفه (?) إلى غير الثَّوْبِ؟
والأشبه: الجَوَازُ، وهو الجَوَابُ في الكتاب. فهذا ما قيل: [في] (?) أن الشَّاهِدَ يأخذه من مَالِ المشهود له، لم يَتَعَرَّضْ أَكْثَرُهُمْ لما سِوَى ذلك.
نعم، في تَعْلِيقِ الشيخ أبي حَامِدٍ: أنه لو كان الشَّاهِدُ فَقِيراً يَكْتَسِبُ قُوتَه يَوْماً بيوم [وكان] (?) في صرف الزمان إلى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ما يشغله عن كَسْبِهِ، فلا يَلْزَمُهُ الأَدَاءُ، إلا إذا بَذَلَ المَشْهُود له قدر ما يَكْتَسِبُهُ في ذلك الوَقْتِ؛ هذا في طرف الأَدَاءِ.
ولو طلب الشاهد أُجْرَةً، ليَتَحَمَّلَ، فإن لم يَتَعيَّنْ، فله الأَخْذُ، وإن تَعَيَّنَ، فوجهان:
أظهرهما: الجَوَازُ، كما ذكرنا في الإِجَارَةِ. إذا تَعَيَّنَ شَخْصٌ لِتَجْهِيزِ المَيِّتِ، أو تعليم الفَاتِحَةِ.