الجِيزِيِّ: أنها مكروهةٌ، ولَيْس في هذا اختلافُ قولٍ عند عامة الأصحاب، ولكن موضع الكراهيَّة أن يُفْرِطَ في المد، وفي إشباع الحركات حتَّى يتولَّد من الفتحة ألفٌ ومن الضمة واوٌ، ومن الكسرة ياءٌ، أو يدغم في غير موضع الإِدغامِ، فإن لم ينته إلَى هذا الحدِّ، فلا كراهة، وفي "أمالي" أبي الفرج وجهٌ أنه لا كراهة، وإن أفرط (?)؛ احتجاجاً بمطلَقِ قوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ".
والثاني: أن يغني ببعض آلات الغناء ممَّا هوُ من شعارِ شارِبِي الخَمْر، وهو مطربٌ كالطُّنبور، والعود، والصُّنج، وسائر المعازف، والأوتارِ فيَحْرُم استعماله، والاستماع إلَيْه، قال ابنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه- في تفسير قوله تعالَى: {وَمِنَ النَّاسِ من يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6]: إنه الملاهِي، وفي اليْرَاعِ وجهان:
أحدُهِمَا: أنَّه حرامٌ، كالمزمار.
والثاني: المنْعُ؛ لأنه ينشِّطُ على السَّيْرِ في الأسفار ويُرْوَى أن داوُدَ -عليه السلام- كان يضربه في أغنامه، وعن الصحابة الترخيصُ فيه، والأصحُّ الأولُ عند صاحبِ "التهذيب" وعند صاحب الكتاب، وهو الأقرب، وليس المرادُ من اليراع كلَّ قصب، بل المزمارُ العراقيُّ، وما يُضْرب به الأوتار حرامٌ بلا خلاف (?)، وأما الدُّفُّ فَضْربه مباحٌ في الإملاك والختان، رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَأضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ" (?) يريد الدُّفَّ، وعن عُمَرَ -رضي الله عنه- أنَّه كانَ إِذَا سَمِعَ الدُّفَّ بعَثَ، فإنْ كان في النِّكاحِ