والخِتَانِ، سَكَتَ، وإنْ كَانَ في غَيْرِهِمَا عَمِلَ بالدَّرَّة وأمَّا في غير الإِمْلاك والختان:
ففي "المهذب" و"التهذيب" وغيرهما: إطلاقُ القول بأنه حرامٌ، ويدل عليه أثر عُمَرَ -رضي الله عنه-.
ومنهم: من أطلق حلَّه، وعلَى ذلك جرَى الإِمَامُ، وصاحبُ الكتابِ، وقد رجَّح له ما رُوِيَ أنَّ امرأةً أتتِ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقالَتْ: إنِّي نذَرْتُ أن أضرِبَ بالدُّفِّ بين يدَيْك إِن رجعت من سَفَرك سالماً، فقال -صلى الله عليه وسلم- "أَوْفِي بِنَذْرِكَ" (?) وأيضاً، فقد يُراد إظهار السرور؛ لأسباب حادثة، كما يراد للإِملاك والختانِ، وحيث قلْنا بالحلِّ، فذلك، إذا لم يكُنْ فيه جلاجلُ، وإن كان، فوجهان:
أشْبَهُهُمَا: الحِلُّ أيضاً، وبه أجاب صاحبُ الكتاب هاهنا، وفي "الإِحياء" ولا يحرم ضرب الطبول إلا الطبلَ الَّذي يُسمَّى الكوبة، فإنه حرامٌ؛ لما رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ الله حَرَّمَ عَلَى أُمَّتِي الْخَمْرَ، وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ" (?) في أشياءَ عدَّها، والكُوبةُ الطَّبْل المتَّسِع الطرفَيْن الضيِّقُ الوَسَط، قال الإِمام: وليس فيه من جهة المعْنَى ما يميِّزه عن سائر الطُّبول إلاَّ أن المخنثين يعتادُون ضَرْبَه ويتولَّعون به، قال: والطبولُ الَّتي تهيَّأ لمَلاَعب الصبيان، وإن لم تُلْحق بالطبول الكبارِ، فهي كالدُّفِّ، وليست كالكوبة بحالٍ، والضربُ بالصفافيرِ حرامٌ كذلك ذكره الشيخ أبو محمَّدٍ وغيره؛ لأنه من عادة المخنَّثين، وتوقَّف الإِمام فيه؛ لأنه لم يرد فيه خبر بخلاف الكوبة، وفي ضَرْب القضيب على الوسائط وجْهان؛ الذي أورده العراقيون: أنه مكروةٌ غيْرُ محرَّم؛ لأنه لا يفرد عن الغناء، ولا يضْرب وحده بخلاف الآلاَت المُطْرِبة، وأشار صاحبُ "التهذيب" إلَى ترجيح التحريم، والرقْص غُيْرُ محرَّمٍ، فإنه مجرَّد حركاتٍ على استقامةٍ، ومشْهُوَرٌ أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وقَفَ لعائِشَةَ -رضي الله عنها- يَسْتُرها حتَّى نظَرتْ إلى الحبَشَةِ، وهمْ يلعبون، وَيزْفِنُون (?)، والزَّفَن هو الرقْصُ، نعم، قال الحُلَيْميُّ الرقْصُ الذي فيه تكسُّرٌ وتثَنِّ، ويشبه أفعالَ المخنَّثين، حرامٌ على الرجاله والنِّسَاءِ.