لَهُ كَانَتْ تُغَنِّي باللَّيْلِ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ، قَالَ: أَمْسِكِي، فَهذَا وَقْتُ الاسْتِغْفَارِ" (?) وحيث ثبتت الكراهةُ، فالسماعُ في الأجنبية أشدُّ كراهةً، وحَكَى القاضي أبو الطيِّب تحْرِيمَهُ، وهذا هو الخلافُ الَّذي سبقَ في أنَّ صوتها هل هو عورةٌ؟ فإن كان في السَّماع منْها خوفُ فتنةٍ، حَرُم لا محالَة، وكذا السماعُ من صبيٍّ يُخَافُ منه الفتنة، هذا هو المشْهور في الغناء وسماعه وحَكَى أبو الفرج الزاز وراءَهُ وجهَيْن:

أحُدَهُمَا: أنه يحْرُم كثيرُه دون قليله.

وثانيهما: أنه حرامٌ على الإِطلاق والحداء وسماعه مباحان، لما فيه من إيقاظ النَّوَّام وتنشيط الإِبل للسير، وقد رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ -رضي الله عنه-: حَرِّكْ بالْقَوْم فَانْدَفَعَ يَرْتَجِزُ (?) وتحسينُ الصوْتِ لقراءةِ القرآن جائزٌ، بل مندوبٌ إلَيْهِ، رُوِيَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "زَيِّنُوا القُرْآنَ بِاَصْوَاتِكُمْ" (?) وسمع رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ يقرأ، فقالَ: لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَاراً مِنْ مَزْامِيرِ آلِ دَاوُد (?)، وقَالَ -صلى الله عليه وسلم- "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ" (?) وحمله الشافعيُّ -رضي الله عنه- علَى تحْسين الصوْت دون الاستغناء، به وتحسينُ الصوت للقرآن بالترتيلِ، وهو التأنِّي في التلاوةِ، وبالحَدْرِ والتَّحْزِين، قال أبو الفرج الزاز: والحَدْر أن يرْفَعَ الصوْتَ مرةً، ويخفضه أخرَى، والتحزينُ أنْ يلين الصوْتَ، وأما القراءةُ بالألْحَان، فقد قَالَ في "المختصر": لا بأس بها، وعن رواية الربيع بن سليمان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015