وثالِثُهَا: فيما تستند إلَيْهِ الشهادة.
ورابِعُهَا: في الشَّاهِدِ واليَمِين.
وخامسِهَا: في الشَّهَادة على الشَّهادة.
وسادِسُهما: في الرُّجُوع.
أما البابُ الأول: فمِنَ الصفاتِ المعتبرةِ على العُمُوم التكليف، فلا تُقْبَلُ شهادةُ مجنونٍ ولا صبيٍّ، وقال مالكٌ: تقبلُ شهادةُ الصبيانِ في الجراحَاتِ الحاصِلَةِ بيْنهم في اللَّعِب ما لم يتفرَّقوا، وعن أحمد ثلاثُ رواياتٍ كمذْهَبنا ومذْهَب مالكٍ، والثالثةُ قبولُ شهادتهم مطلقاً بشرط التمييز، واحتجَّ الأصحابُ بأن الصبيَّ لا يقبل قولُه عَلَى نفسه بالإِقْرَار فأولَى ألاَّ يقبل على غيره بالشهادة، وبقوله تعالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282]، وقالوا: لفظ الرجالِ لا يقَعُ علَى الصبيان.
ومنْها: الحرية؛ فلا يُقْبَلُ شهادةُ الرقيق قِنَّا كان أو مُدَبَّراً أو مكاتباً أو أمَّ وَلَدٍ، وقال أحمد -رحمه الله-: تُقْبَلُ.
لَنَا: أنَّ القوْلَ على الغَيْر نوعُ ولايةٍ، فيعتبرُ فيها الحريَّةُ، كما في سائر الولايات، وأيضاً، فالرقيقُ لاشتغالِهِ بخدمة السَّيِّد لا يتفرغ لتحمل الشهادة، ولا لآدائها.
ومنها: الإِسلام فلا تُقبل شهادةُ الكافر ذمياً كان أو حربياً شهد على مسلم أو كافر، وقال أبو حنيفة -رحمه الله- يُقبل شهادة الكافر على الكافر اتحدت ملتهما أو اختلفت، وعن أحمد فيما رواه صاحبُ الشامل أنه تُقبل شهادته على المسلم في الوصية إذا لم يكن هناك مسلم لنا ما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- "قال لاَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ دِينِهِمْ إِلاَّ الْمُسْلِمُونَ فَإنَّهُمْ عُدُولٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ" (?).
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَوَرَاءَ هَذِهِ ثَلاَثُ صِفَاتٍ: الأُولَى: العَدَالَةُ: وَمَنْ يُقْدِمُ عَلَى كَبِيرَةٍ أَوْ يُصِرُّ عَلَى صَغِيرَةٍ فَهُوَ فَاسِقٌ لاَ تُقْبَلُ (ح) شَهَادَتُهُ، وَأَمَّا الإِلْمَامُ بِكَذْبَةٍ أَوْ غَيْبَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ جَرَى عَنْ هَفْوَةِ أَوْ فَتْرَةٍ مَعَ اسْتِشْعَارِ نَدَمٍ وَخَوْفٍ فَلاَ تَبْطُلُ الثِّقَةُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: لما كانتِ الصفاتُ الثلاثُ الَّتِي سبَقَتْ خفيقةَ المؤنةِ، سَرَدَها سَرْداً