تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة:283] وقولِهِ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة:282] وكما رُوِيَ أنه -صلَّى الله عَلَيْه وسلَّم- سُئِلَ عَنِ الشَّهادة، فقَالَ لِلسَّائِلِ: تَرَى الشَّمْسَ، قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: "عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ فَدَعْ" (?) وأنه -صلى الله عليه وسلم- قال: أَكْرِمُوا الشُّهُودَ (?)، وأنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال لِبَعْضِ الْمُدَّعِينَ: لَيْسَ لَكَ إِلاَّ شاهِدَاكَ أو يَمِينُهُ (?) ولا يخفَى أنه لا تقبل شهادةُ كلِّ من شهد، وأنَّه ليس للشَّاهِدِ أن يجازِفَ ويشهد بما شاء، بلْ لا بدَّ في الشاهد من صفاتٍ، والشاهِدُ من عَلِمَ ما يشْهَدُ به، والصفاتُ المعتبرةُ في الشاهد تنقسمُ إلَى معتبرةٍ في العمومِ، كالحرِّيَّةِ، وإلَى معتبرةٍ في بعْضِ الأُمور؛ كالذكورة، وإذا شَهِد واحدٌ، فمن اجتمعتْ فيه الصفاتُ المعتبرةُ، فقد يحكم بقوله، وقد يُحْتاج إلَى ضميمة أخرَى، وهو الأغلبُ، وتلك الضميمة، إما قوْلُ شاهدٍ حرٍّ أو أكثرَ، وإما يمينُ المدعِي، ثم الشاهدُ قد يشهد الواقعةَ نفْسَها، وقد يشهد بشهادةِ من شهد بها وعلى التقديرَيْن، فإمَّا أن يستمرَّ على ما يشهد به أو يَرْجِع عنْه، فقيد المصنف لبيان هذه الفصولِ سِتَّةَ أبوابٍ:
أحدُهَا: في الصفات المعتَبَرَةِ في الشَّاهد على العُمُوم.
وثانِيهَا: في الذُّكُورة المعتبَرَةِ على الخُصُوص، وفي العدد المرعيِّ في الشهود.