المشهور: أنه يلزمه دمُ شاة، وهو المذكور في الكتاب، لقوله - عليه السلام-: "وَلْتَهْدِ هَدْياً" ومطلق الهدي يُحْمَلُ على الشاة.

ولأنه ترفه بترك المشي، فأشبه ما إذا ترفَّه باللبس والتطيب، وحكي في "التتمة" قولاً آخر؛ أن عليه بَدَنَةً؛ لما رُوِيَ في بعض الروايات في حديث أختِ عُقْبَةَ: "وَلْتَهْدِ بَدَنَةً" (?) وإن ترك المشي مع القدرة، فحج راكباً، فقد أساء، ثم فيه قولان:

أحدهما: ويُنْسَبُ إلى القديم: أنه لا تبرأ ذمته، بل عليه القضاء؛ لأنه التزم العبادة على صفة، وما أتى بها على تلك الصفة مع القدرة، وذكر على هذا مأخذان:

أظهرهما: أن ما أتَى به من الحج، لم يقع عن نذره؛ لأن الفذور الحجُّ ماشياً.

والثاني: أن أصل الحج وقع عنه إلا أنه بقي المشْيُ واجبًا عليه، والمشْيُ لا يمكن تداركُهُ مفرداً فألزم حجة أخرَى ليتدارك فيها المشْي.

وعلى هذا ينطبق ما حُكِيَ عن نصِّ الشافعيِّ -رضي الله عنه-: أنه، لو كان قد ركب في بعض الطريق، ومشى في بعض، فإذا عاد للقضاء، مشى حيث ركب، وركب حيث مشى، وعلى المأخذ الأول يلزمه المشْيُ في القضاء كلِّه.

والقول الثاني، وهو الأصح: أنه تبرأ ذمته، ويقع ما أتى به عن النذر؛ لأنه قد أتى باركان الحج، ولم يترك إلا هيئة، فصار كما لو ترك الإِحرام من الميقات، أو المبيتِ بمِنًى. وعلى هذا، فهل يلزمه الدم؟ فيه قولان أو وجهان:

أحدهما: لا؛ لأن الفدية إنَّما تجب بترك أبعاضِ- النُّسُكِ، والمشي ليس من الأبعاض.

وأظهرهما: نعم؛ للحديث الذي سبق، وعلى هذا فالواجب شاة أو بَدَنَةٌ فيه ما سبق من الخلاف، ويحسن أن يُرتَّب الخلاف في الفدية، إذا ترك المشي من غير عذر، على الخلاف فيما إذا ترك بعذر، ويُقَالُ: إن أوجبنا ثَمَّ، فهاهنا أولَى، وإن لم نوجب ثَمَّ، ففي الوجوب هاهنا وجهان؛ لأنه إنما يلزم المشي بالنذر بشرط الإمكان وقد يُجْمَعُ بين الحالتين، وَيُقَالُ: في وجوب الفدية، إذا ترك المشي، وأوقعنا المَأتي به عن نذره،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015