أحدهما: لا؛ لأن المشي قَبْلَ الإِحرام لا قُرْبَةَ فيه.

وأقربهما: نعم؛ لأن الأجْرَ على قَدْرِ النَّصِبَ، والمشي إلى العبادة قُرْبة وأيضاً فسنذكر أن الأظهر فيما إذا قال: أمشي إلى بيت الله تعالَى، يلزمه المشي من دُوَيْرَةِ أهله. فكذلك إذا قال: أحج ماشياً من دويرة أهْلي.

وقال الإِمام: وللصورة التفات إلَى أن الأجير على الحج، إذا مات في الطريق قبل الإِحرام، هل يستحقُّ شيئاً من الأجرة؟ فإن قلْنا: لا يلزمه المشْيُ من دويرة أهله، مع التصريح بِهِ، فإذا أطلق فأولَى ألاَّ يلزم، وإن قلنا: يلزم هناك، فإذا أطلق، وقال: أحج ماشياً، فوجهان:

أحدهما: أنه يلزمه المشْيُ من دوبرة أهْله، للعادة (?)، فإن من قال: حجَجْتُ ماشياً، فُهِمَ منه المشْيُ في جميع الطريق.

وأصحهما: أنه يلزم من وقت الإِحرام، سواء أحرم من الميقات أو قبله؛ لأنه التزم المشي في الحج، وابتداء الحج من وقت الإحرام، وقطع بهذا قاطعون، ورَدُّوا الخلاف إلى ما إذا نذر المشْيَ إلى مكة، أو إلى بيت الله تعالَى، وسيأتي القول فيه إن شاء الله تعالى- وأثبت في "التتمة" الوجهين، وبناهما على أنه من أيْنَ يلزمه الإِحرام؟ فعن أبي إسحاق المروزيِّ: أنه يلزمه الإِحرام من دُوَيْرَةِ أهله؛ لأن ذلك من تمام الحج، وعن غيره: أنه لا يلزم إلا من الميقات، كما في الواجب الشرعي، فعلى الأول يَمْشِي من دويرة أهله، وعلى الثاني من الميقات؛ لأن المشي قبل الميقات لا قربة فيه.

وقياس هذه الطريقة؛ أن يُقَالَ: إذا صرح بالتزام المشي من دويرة أهله، يلزمه الإِحرام منها على الوجه الأول، ولو قال: أمشي حاجاً، فالظاهر: أنه كقوله: أحج ماشياً، وقضية كلِّ واحد من اللفظين اقتران الحج والمشي، وفيه وجه: أن قوله: أمْشِي حاجّاً يقتضى أن يمشي من مَخْرَجِهِ وانتهاضه إلى الحَجِّ.

الثانية: في نهاية المشي، وفيها وجهان حكاهما الإِمام:

أحدهما: أنه يمشي إلى أن يتحلَّل التحلُّل الثاني؛ لأنه من أعمال الحج ما بقيت عُلْقَةُ الإِحرام، ثم له الركوب، وإن بقي عليه الرمْيُ في أيام منًى؛ لأنها خارجة من الحج خروج السَّلام الثاني من الصلاة.

والثاني: أن له الرُّكُوبَ بعد التحلُّل الأول؛ لأن اسم الحج على الإِطلاق يزول حينئذٍ، وتتخفَّف تكاليف النسك، والأول هو المنصوص، والذي أورده الجمهور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015