الحيض والنفاس, ففي وجوب القضاء قولانِ، ويُقَالُ وجهان:

أحدُهُمَا: لا يجب، كيوم العيد وزمان الحيض والنفاس يقع مستنثًى شرعاً.

والثاني: يجبُ، والنذر محمولٌ على الواجِبِ شرعاً، وإذا وقع الحَيْضُ في الصوم الواجِبِ شَرْعاً، لم يقضِ فكذلك الواجب بالنذر، ويخالف العيد، فإنه غير قابل للصوم في نفسه، وهذا أصحُّ عند صاحِب "التهذيبِ"، والأول أصح عند أبي علي الطبريِّ وأبي الحُسَيْن بْنِ القطّان، ونسبه القاضي ابن كج إلى الجمهور وتابعهم الرويانيُّ -رحمهم الله- ولو أفطر بعذر المرض، ففيه مِثْلُ هذا الخلاف، ورجَّح القاضي ابنُ كج فيه وجوبَ القضاء فرقاً بأنه لا يصح أن ينذر صوم أيامِ الحَيْض، ويصح أن ينذر صَوْمَ أيام المرض، ولو أفطر بعُذْر السَّفَر، فالظاهر وجوب القضاء؛ لأنه يتعلَّق بمحْضِ اختياره، وبه قال أبو الحسين -وهو المذكور في الكتاب، ومنهم من طرد فيه الخلاف، وبه قال القاضي ابنُ كج، وإذا أفطر في بعض الأيَّام بغير عذر، أثِمَ، وعليه القضاء بلا خلاف، وسواء أفطر بعذر أو بغير عذر، فلا يجبُ الاستئناف، وإذا فاته صومُ السنّة، فلا يجب التتابع في قضائه، كما في صوم رمضان، هذا إذا لم يتعرَّض للتتابع، فإن شرط مع تعيين السنة، فعلى الوجهين المذكورين في الشهر، فإن قلْنا: يجب رعايته، فإذا أفطر بغير عُذْر، وجب الاستئناف، وإذا أفطرت للحيض، لم يجب والإِفطار بالمَرَضِ والسفرِ، هل يبطل التتابع؟ فيه ما ذكرنا في صوم الشهرين المتتابعين في كفاَرة اليمين، فإن قلْنا: لا يبطل ففي القضاء الخلافُ السابقُ، ولو قال: لله عليَّ صوم هذه السنة، تناول اللفظ السنة الشرعية، وهي من المحرَّم إلى المحرَّم، فإن كان قد مضى بعْضُها, لم يلزمه إلا صومُ الباقي، فإن كان رمضانُ فيما بقي، لم يلزمه قضاؤُه عن النذر، ولا قضاء العيدين وأيام التشريق والحيض والمرض؛ على ما ذكرنا في جميع السنة.

وقوله "ولو قال: أصوم هذه السنة" يشبه أن يريد به ما إذا نذر سنة أشار إلَيْهَا بعينها, وليس المرادُ حكايةَ هذه اللفْظَة من قَوْل النَّاذِر.

الحالة الثانية: إذا نذر صوم سنة وأطْلَقَ يُنْظَرِ، إن لم يشترطِ التتابع يصوم ثلثمائة وستين يوماً أو اثنَيْ عَشَر شهراً بالهلال، وكل شهر استوعبه بالصوم، فناقصه كالكامل، وإن انكسر، ولم يصمْ جميعه، فعليه إتمامه ثلاثين، وشوال ينكسر بسبب العيد، فيكمله ثلاثين، فإن كان ناقصاً، احتاج إلى تدارك اليومين، وذو الحجة يكمله ثلاثين، فإن كان ناقصاً، تدارك خمسة أيام، ولا يجب أن يصوم متتابعاً، وإن صام سنةً على التوالي، تدارك النذر رمضان والعيدين، وأيام التشريق، ولا بأس بَصَوْمِ يوم الشك عن النذر، وتتدارك المرأة لأيَّامِ الحيض، هذا ظاهرُ المذهب، ووراءه وجهان:

أحدُهُما: عن أبي الحُسَيْن بنِ القطّان: أنه، إنما يخرج عن النذر بصوم ثلثمائة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015