أنه لا يجب المبادرة، ويُستحبُّ، وفي أنه إذا عيَّنها، هل يَتعيَّن علَى ما ذكرنا في اليوم الواحِدِ، ويجري الخلافُ في تعْيِين الشهْرِ والسَّنة المعينَيْنِ، وحيثُ لا يذكر يقتصر علَى الوجْهِ الأصحِّ، ويجوز أن يصومها متتابعةً ومتفرقةً؛ لحصول الوفاء على التقديرَيْنِ، وفي كتاب القاضي ابنِ كجٍ أن عند أبي حنيفةَ يجب التتابع، وإن قَيَّد النذر بالتتابع، لزمه رعاية التتابع، فلو أخلَّ به، فعلى ما سبق في صوم الشهرَيْن المتتابعَيْن، فإن قيد بالتفرق فوجهان، ذكر أن الأصحاب -رحمهم الله- بَنَوْهُمَا على اختلاف القول في أن التفريق في صوم التمتُّع بين الثلاثة وبين السبعة، هل يجب، إذا فاتَتِ الثلاثةُ، أنَّهمَا يقربان من الوجهين، في أن الأوقات هل تتعيَّن للصيام إذا عينت، فإن قلْنا: تتعيَّن، لم يبعد حمل استحقاق التفريق عليه؛ كما لو قال: لله عليَّ صوم الأثانين، فإنه يصومها على صفة التفريق، ثم رأى الأصح من الوجهين؛ أنه لا يجب التفريق، وهو الذي أورده صاحب الكتاب، ووجَّه بأن التفريق ليس وصفاً مقصوداً، بخلاف التتابع، فإذا صام متتابعاً، فقد أتى بما هو أفضل، وأجاب القاضي ابن كج وصاحبُ "التهذيب" وغيرُهما؛ بأنه يلزمه التفريق، وقال: التفريق مرعيٌّ في صوم التمتع شرعاً، أن التتابع مرعيٌّ في صوم الكفَّارة، وذكروا أنه، لو صام عشرة أيام متتابعة، تحسب له خمسة أيام، ويُلْغَى بعد كلِّ يومٍ يومٌ، وهذا أقرب.
الثالثة: إذا نذر صوم شهر، نُظِر؛ إن عيَّن، كرجب أو شعبان، أو قال: أصوم شهراً من الآن، فالصيام يقع متتابعاً، لتعيُّن أيام الشهر، وليس التتابع مستحَقاً في نفسه، حتى لو أفطر يوماً، لا يلزمه الاستئناف، ولو فاته الجَمِيعُ، لم يلزمْهُ التتابع في قضائه، كما في صوم رمضان، فإن شرط التتابع مع تعْيِينِ الشهر لغو.
وأظهُرهما: وهو الذي يوجد لأصحابنا العراقيين: أنها تجب حتى لو أفسد يوماً، يلزَمُه الاستئناف، وإذا فاتَه قضى، متتابعاً؛ لأن ذكره التتابعِ يدلُّ على كونه مقصوداً، وقد سبق مثل هذا في الاعتكاف، ولو أطلق، فقال: أصوم شهراً، فله التفريقُ والتتابُعُ، قال الصيدلانيُّ: وساعدنا أبو حنيفة -رحمه الله- ههنا، وإن خالَفَ فيما إذا نذر اعتكاف شهْرٍ بشرط التتابع، ثم إن فرَّق صام ثلاثين يوماً، وإن صام متتابعاً وابتدأ به بعد مضيِّ بعض الشهر الهلاليِّ فكذلك، وإن ابتدأ به في أول الشهر وخرج ناقصاً كَفَاهُ.
والرابعة: إذا نذر صوم سنة، فله حالتان:
إحداهما: أن يعيِّن سنةً متواليةَ الأيام؛ كقوله: أصوم سنة كذا أو سنةً من أول شهر كذا إلى مثله أو من الغد، فصيامُها يقع متتابعاً بحق الوقت، ويصومُ رمضانَ عن فرضه، ويفطر العيدين وأيام والتشريق؛ تفريعاً على أنه لا يجوز الصوم فيها، وهو الصحيح، ولا يجب قضاؤها بل هِيَ غير داخلة في النذر، وإذا أفطرت المرأة بعُذْرِ