وستين يوماً؛ لأن السنة تنكسر لا محالةَ بسبب رمضانَ وأيام الفِطْر، وإذا انكسرت، وجب أن يعتبر العدد، كما أن الشهر إذا انكسر يُعتبر العدَدُ.
والثاني: ذكره الصيدلاني: أنه إذا صام من المحرَّم إلى المحرَّم أو من شهر آخر إلى مثله، خرج عن نذره؛ لأنه يُقال: إنه صام سنة، ولا يلزم قضاء رمضان وأيام الفطر، وإن شرط التتابع، فقال: لله عليَّ صوم سنة متتابعاً، فيلزمه التتابع، ويصوم رمضان عن فرضه، ويفطر العيدَيْنِ وأيام التشْرِيق، وهل يلزمه تدارُكُهما للنَّذْر، فيه وجهان مذكوران في "التتمة":
أظهرُهما: عند صاحِبها: المنع؛ لأن السنة المتتابعة اسْمٌ لاثْنَيْ عشَرَ شَهراً أو لثلثمائة وستين يوماً، وقد صام من هذه المدة ما يمكن صومه، فلا يلزم زيادة عليه، كما لو عيّن السنة.
والثاني: وهو المنصوص، وجواب معظم الأصحاب: أنه يلزمه التدارك على الاتصال بآخر المحسوب في السنة؛ لأنه التزم صوم سنة ولم يصم عما التزم سنَةً، ويخالف ما إذا كانت السنةُ معيَّنةً؛ لأن المعيَّن في العَقْد لا يبدل بغيره، والمُطْلق إذا عين قد يبدل، ويشبه ذلك بأن المبيع إذا خرج معيباً، لا يبدل، والمسلم فيه، إذا سلمه، فخرج معيباً، يبدل، ثم يحسب بالشهر الهلالي، وإن كان ناقصاً على ما ذكرنا وإذا أفطر بغير عُذْرٍ، وجب الاستئناف، وإذا أفطرت المرأة بعُذْرِ الحيض، لم يجب الاستئناف، وفي عُذْرٍ المرض والسفر ما بيناه في صوم الشهرين المتتابعين ثم في قضاء أيام الحيض والمرض الخلافُ المذكورُ في الحالة الأولى، فإذا نذر صوم شهر فقضاء (?) ما يتفق الإِفطار فيه بحيض أو مرض على ما تبيَّن في السنة، وكذا لو نذرتِ المرأةُ صومَ يوْمِ معيَّنَ، فحاضت فيه، ففي وجوب قضائه القولان، وإن نذرت صومَ يَوْمٍ غير معيَّنٍ، فشرعت في صوم يوم، فحاضَتْ، لزمها التدارك.
ولو نذر صوم ثلثمائة وستين يوماً، فعليه أن يصوم هذا العدد، ولا يلزم التتابع، فإن قال: متتابعةً، وجب؛ لرعاية التتابع، ويقضي لرمضان وأيام التشريق على الاتِّصَال، وَحَكَى القاضي ابنُ كج وجْهاً ضعيفاً؛ أن ذكر التتابع يلْغُو ههنا.
قَالَ الغَزَالِيُّ: عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلاَنٌ فَقَدِمَ لَيْلاً فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَدِمَ نَهَارَاً لَمْ يَكْفِهِ صَوْمُ ذَلِكَ اليَوْمِ مَعَ أنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ بِاللَّيْلِ، وَهَلْ يَلْزَمُ صَوْمُ يَوْمٍ آخَرَ فِيهِ قَوْلاَنِ، وَلَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلاَنٌ فَبَاع العَبْدَ ضَحْوَةَ ذَلِكَ اليَوْمِ ثُمَّ قَدِمَ بَانَ بُطْلاَنُ