تنعطف، فالوجه تقديمها هذا لفظُ الإِمام -رحمه الله- وقولهُ في الكتاب "تنزيلاً على أقلِّ جائزٍ" يعني ما يجوز تركه، ويُبْنَى على الأصل المذكور مَسَائِلُ:
منها: إذا نذر أن يصَلِّي مَطلقاً فقولان:
أحدُهُمَا: وهو المنصوص في "المختصر" وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-: أنه يلزمه ركعتان؛ حملاً على أقل واجبٍ في الشَّرْع.
والثاني: نقله الربيع: أنه يكفيه ركعةٌ؛ حملاً علَى ما هو صحيح، ويُقَالُ: إن الأول الجديد، والثاني منقولٌ عن القديم، وعن أحمد -رحمه الله- روايتان كالقولين.
وقوله في الكتاب "يكفيه ركعة" ليعلَمْ بالحاء والألف، وأراد بقوله "وكذا في الصلاة" التفريعَ علَى القول الأصحِّ عنده، وهو التنزيلُ على أقلِّ جائز، وهل يجوز أن يصلِّيَ قاعداً مع القدرة على القيام؟ فيه وجهان؛ بناءً على الأصل المذكور.
ولو نذر أن يصلِّيَ قاعداً، جاز أن يقعد، كما لو صرَّح في نذره بركعة، له الاقتصار عليه، وإن صلَّى قائماً، فقد أتى بالأفضل، ولو نذر أن يصلِّيَ قائماً، لم يجز أن يقعد، ولو نذر أن يصلي ركعتين، فصلى أربعاً بتسليمة واحدة بتشهد أو بتشهدين، فهل يخرج عن نذره؟ فيه وجهان مذكوران في "التتمة":
أحدُهُمَا: لا؛ لأن ما التزمه يقتضي التحلُّل بعد الركعتين.
والثاني: نعم، كما لو نذر أن يتصدَّق بعشرة، فتصدَّق بعشرين، وبهذا أجاب في "التهذيب" لكن يمكن بناء الوجهين علَى الأصل السابق، إن حملنا المطْلَقَ على الواجب شرعاً؛ فلا يجوز الزيادة، كما لو صلَّى الصُّبْحَ أربعاً، وإن حَمَلْنا على الجائزات، فيجوز الزيادة، وإن نذر أن يصلِّيَ أَرْبَعَ ركعاتٍ، فإن نزَّلْنا المطْلَق على الواجب، أمرناه بتشهدَيْنِ، فإن ترك الأول، سجدَ للسهو، ولا يجوز أن يؤديها بتسليمتين، وإن نزلناه على الجائز، فيتخبر، إن شاء أداها بتشهدين، وإن شاء اقتصر على واحدٍ، ويجوز أداؤها بتسليمتَيْنِ، بل هو أفضل (?) ولو نذر أن يصلِّيَ ركعتَيْنِ على الأرض مستقبلاً، لا يجوز أداؤهما على الراحلة، وإن نذر أداءهما على الراحلة فله أن يؤديهما على الأرض مستقبلاً، وإن أطلق، ففيه خلاف مبني على الأصل المذكور، وقد مرَّ في موضعه.
ومنها: إذا نذر أن يتصدَّق، لم يتقدَّر بخمسة دراهم ولا بنصف دينار، وإن حملنا المطلق على الواجب من جنسه؛ لأن الخلطاءَ قد يشتركون في نصاب فيجب على