أَنْوَاعٌ النَّوْعُ الأَوَّلُ: الصَّوْمُ فَإذَا نَذَرَ مُطْلَقِ الصَّوْمِ كَفَاهُ يَوْمُ، وَفِي لُزُومِ التَّبِييْتِ قَوْلاَنِ، أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ لاَ يَجِبُ تَنْزِيلاً عَلَى أَقَلِّ جَائِزٍ لاَ عَلَى أَقَلِّ وَاجِبٍ، وَكَذَا فِي الصَّلاةِ يَكْفِيهِ رَكْعَةُ، وَفِي الصَّدقَةِ يَكْفِيهِ دَانِقٌ لأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَجِبُ فِي الخُلْطَةِ، وَفِي الاعْتِكَافِ هَلْ يَكْفِيهِ الدُّخُولُ وَالنِّيَّةُ مِنْ غَيْرِ مُكْثِ فِيهِ خِلاَفٌ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا صح النذْرُ، وجب الوفاء به، والمرعيُّ فيه موجِبُ ألفاظ الالتزام وقد فصَّله في الكتاب، وتفصيل الملتزمات، وهي أنواع:
أحدها: الصوم، فإن أطلق التزامه، وقال: لله عليَّ أن أصومَ أو صومٌ لزمه صومُ يَوْم، ويكفيه ذلك، ويجيء فيه وجْهٌ أنه يخرج عن النذْرِ بإمساك بعْضِ اليوم؛ بناءً علَى أن النذْرَ يُحْمَلُ على أقلِّ ما يصحُّ من جنسه، وأن إمساك بعض اليوم صومٌ، وسنذكرهما, ولو نذر صومَ أيَّامٍ، وقدَّرها، فذاك، وإن أطلق ذكْرَ الأيام، نزل على ثلاثة، ولو قال: أصوم دهراً أو حيناً كفاه صوم يوم، وهل يلزم التبييت في الصوم المنذور، يُبْنَى ذلك على أن الناذر، إذا التزم بالنذر عبادةً، وأطلق تسمية الملتزم، علاَمَ ينزل نذره قال الإِمام: وفيه قولان (?) مأخوذان من معاني كلام الشَّافِعِيِّ -رضي الله عنه-:
أحدهُما: أنه ينزل على أقل واجب من جنسه بأصل الشرع؛ لأن المنذورَ واجبٌ، فيُجْعَل كواجبٍ بالشرع ابتداءً.
والثاني (?): ينزل على أقلِّ ما يصحُّ من جنسه؛ لأن لفْظَ الناذِرِ لا يقتضي التزامَ زيادةٍ عليه، فلا معنى لالتزامه ما لم يتناولْهُ لفظه، وهذا أصحُّ عند الإِمام وصاحبِ الكتابِ ورجَّح العراقيون والقاضي الرويانيُّ، وغيْرُهُمُ الأوَّلَ، ويوافقه ما ذكرنا أن الأصحَّ أنه لا يجْمَع بتيمم واحدٍ بين فريضة ومنذورة، وبين منذورتَيْن، فإن قلنا ينزل على أقل واجب من جنسه، أوجبنا التبييت، وإن قلْنا: ينزل على أقلِّ ما يصحُّ، لم يلزم التبييت، وصحَّحناه بنية من النهار، هذا إذا أطلق نذر الصوم، وأما إذا نذر صوم يوم أو أيامٍ، فصحته بنية من النهار مع التنزيل علَى أقل ما يصح، يُبْنَى، علَى أصل آخر، وهو أن المتطوِّع بالصوم، إذا نوى نهاراً، يكون صائماً من وقْتِ النية أو من أول النَّهار، وفيه خلافٌ مذكورٌ في الصوم والظاهر الثاني، فإن قلنا: به، صح صومه بنية من النهار، وإن قلْنا: إنه يكون صائماً من وقت النية، فلا يخرج عن نذره إلا بأن يبيت لأنه التزم صوم يوم، ولا يتحقَّق على هذا الوجه صوم يوم إلا بنية منبسطة على اليوم، والنيةُ لا