أحدها: يحْنَثُ؛ لأنه المستحِقُّ لسكناه.
وأصحُّها: وبه أجاب الصيدلانيُّ: المنع؛ لأنه لَيْسَ يسكنه حقيقةً.
وثالثها: أنه، إنْ سكنه يومًا، أو ساعةً، حنِثَ؛ لأنه اتخذه سكنًا، وهو على استحقاقه، وإلا، فلا، فإن أراد بيمينه مسكنه المملوك، لم يحْنَثْ بغيره بحالٍ.
فُرُوعٌ: لو حلف، لا يدخل دار زَيْدِ، وقد وقف زيدٌ دارًا على إنسان، قال في "التتمة": إن قلْنا: إن المِلكَ في الوقْفِ يبقى للواقِفِ، يحنث الحالف بدخولها، وإلا فلا، ولو دخل دارًا، وقفت عليه، فإن قلْنا: إن الملك في الوْقف (?) للموقوف علَيْهِ، حنث، وإلا، فلا، ولو دخل دارًا لمكاتب زيد؛ لم يَحْنَثْ؛ لخروج المكاتَب وأكسابه عن حكم الملك، ولو حلف، لا يدخل دارًا لمكاتَبِ، حنِث بدخول دارِه، لأنه مالِكٌ نافذُ التَّصرُّف، وفيه وجه آخر.
الثانية: إذا حلف؛ لا يدخل دار زيدٍ، فباعها زيْدٌ، ثم دخَلَها الحالِفُ، لم يحنث؛ لأنه لم يدْخُلْ دار زيْدٍ، وكذا، لو قال: لا أُكلِّمُ عبد فلانِ، أو أجيره، أو زوجته، وكَلَّم بعدما زال ملْكُه عن العبد، أو انْقَضَتْ مُدَّةُ الإِجارةِ، أو انقطَعَ النِّكَاحُ، أو قَالَ: لا أكلِّمُ سَيِّد هذا العبد، أو زوج هذه المرأة، فكلم بعد زوال المِلْك، وانقطاع النكاح.
ولو اشترَى زيدٌ بعْدما باع داره دارًا أخرَى، قال الصيدلانيُّ: إنْ قال: أردتُّ الأُولَى بعَيْنها، لم يحْنَثْ بدخول الثانية وإن قال: أردتُّ أيَّ دار تكونُ في مِلْكِهِ، حنث بالثانية، ولم يحنث بالأولَى، وإن قال: أردتُّ أنَّ دار جرَى عليها ملْكُه، حنث بأيَّتِهَا كانت، هذا إذا قال: دارَ زَيْدٍ، ولم يعيِّن، أما إذا قال: لا أدخل دار زيد، هذه، فباعها زيد، ثم دخلَهَا، حنث؛ لأنه عقد اليمين عَلَى عين تلك الدار ووَصفْها بإضافة تطرأ وتزول، فيغلب التعْيِينُ على الإِضَافَة.
وعند أبي حنيفة: لا يحنث، وهو وجه للأصْحَاب -رحمهم الله- لأن الإضافة المذكورة لم تَنْضَمَّ إلى العَيْن، والظاهر الأول، وسلم أبوَ حنيفة؛ أنه لو قال: لا أكلِّم زوجةَ فلان هذه، فكلَّمها بعد الطلاق، أنه يحنث، رَوَى بعض أصحابنا موافقته، فيما إذا قال: لا أكلِّم عبْدَ فلانِ هذا، فكلمه بعْد ما باعه، على الحنث، وإلا ثبت عنه خلافه، كما ذُكِرَ في مسألة الدار، واحْتَجَّ لتغليب التَّعْيين والإشارةِ؛ على الوصْفِ والإضافة بأنَّه لو قال: لا آكُلُ لحم هذه البقرة، وأَشَارَ إلَى سخلة، يحنث بأكْلِ لحمها، ولذَلك أورد الصُّورة في الكتاب هاهنا ولا يجيءْ فيها الخلافُ المذكورُ، فيما إذا قال: