وَفِي المَغْصُوبِ وَجْهَانِ، وَفِي مِلْكِهِ الَّذِي لا يَسْكُنُهُ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ، وَفِي الثَّالِثِ يَحْنَثُ إِنْ كَانَ قَدْ سَكَنَهُ يَوْمًا وَإِلاَّ فَلاَ، وَلَوْ قَالَ: لاَ أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا زَيْدٌ ثُمَّ دَخَلَ حَنِثَ تَغْلِيبًا لِلإِشَارَةِ، وَلَوْ قَالَ: لاَ آكُلُ لَحْمَ هَذِهِ البَقَرَةِ وَأَشَارَ إِلَى سَخْلَةٍ حَنِثَ بِلَحْمِهَا تَغْلِيبًا للإِشَارَةَ، وَلَوْ قَالَ: لا أَدْخُلُ هَذَا البَابَ فَحَوَّلَ الْبَابَ إِلَى مَنْفَذٍ آخَرَ فَثَلاثَةُ أَوْجُهٍ، في وَجْهٍ لا يَحْنَثُ بِدُخُولِ وَاحِدٍ مِنَ المَنْفَذَيْنِ حَتَّى يَجْتَمِعَ البَابُ وَالمَنْفَذُ المُشَارُ إِلَيهِ، وَفِي وَجْهٍ يَحْنَثُ بِالْمَنْفَذِ الأَوَّلِ، وَفِي وَجْهٍ يَحْنَثُ بِالبَابِ المَنْفُوذِ، وَلَوْ قَالَ: لا أَدْخُلُ بَابَ هَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ يُعَيَّنِ البَابَ فَفَتِحَ بَابٌ جَدِيدٌ فَفِي حِنْثِهِ بِدُخُولِ البَابِ الجَدِيدِ وَجْهَانِ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الدُّخُولِ فَنَزَلَ إِلَى الدَّارِ مِنَ السَّطْحِ فَفِيهِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه صورٌ:

إحداها: حلف، ألا يدخل دار زيد، أو بيته، أو لا يَلْبَسُ ثوبه، أو لا يَرْكَبُ دابته، قال الأصحاب -رحمهم الله- مطلق الإضافة إلَى من يملك بمقتضى الملك؛ ألا ترى أنه إذا قال: هذه الدارُ لزَيْدٍ، كان إقرارًا لَه بالمِلْك؟ حتى لو قَالَ: أردت بذلك أنَّها مسكنه، لا يُقْبَلُ منه.

وقول الشاهِدَيْنِ: هذه الدارُ لزَيْدِ شهادةٌ له بالملك، وقد تُضَافُ الدار والبيتُ إلى الإنْسَان بجهةِ أنه يسْكُنُها لكنَّه مجازٌ؛ ألا ترى أنه يصح نفْيُ الإضافة مع إثبات السُكْنَى؛ بأن يقال: هذه الدار لَيْسَتْ لفلان، لكنه يسْكُنها، أو يُسْأَلُ؛ أَهذه الدار لفلانٍ؟ فَيُقَالُ: لا، لكنه يسْكُنُها، إذا عُرِفَ ذلك، فلا يحنث الحالفُ بدخول الدار التي يسكنُها فلان بإجارة، أو إعارةٍ، أو غصبٍ؛ إلا أن يقول: أردتُّ المسكن، وعن أبي حنيفة -رحمه الله- ومالك وأحمد أنه يَحْنَثُ بدخول الدارِ الَّتي يسكنها بكراءٍ، أو إعارةٍ والدار التي يملكها، فلان يحنث الحالف بدخولها، وإنْ كان لا يَسْكُنُها فلانٌ، إلا أن يقول: أردت مسكنه، ووافق أبو حنيفة على الحِنْثِ هاهنا، وعن القاضي الحُسَيْن: أنه، إن حلف عَلَى ذلك بالفارسية، حُمِلَ على المِسْكَن، ولا يكاد يظهر فرق في ذلك بين الفارسية والعربية، ولو حلف؛ لا يدخل مسْكَنَ فلانٍ، فيحنث بدخول مسكنه المملوكِ، والمستعارِ، والمستأجرِ.

وفي المغصوب وجهان (?):

أحدهما: لا يحنث؛ لأنه لا يسكنه، حكَى الإِمامُ فيه ثلاثة أوجه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015