بعْتُ هذه البقرة، وهي سخْلَةٌ: لأن العقُودَ يُرْعَى فيها شرائطُ وتعبداتٌ لا يعتبر مثلها في الأيمان. ولو حَلَف؛ لا يكلم زيدًا هذا، فبدَّلَ اسْمه، واشتهر بالاسم المُبَدَّلِ، ثم كلَّمه، حنث؛ اعتبارًا بالتعيين.
الثالثة: إذا حلف، لا يدخل هذه الدار، من هذا الباب، فدخَلَها، وذلك الموضِعُ بحاله، من موضع آخر قديم أو محْدَثٍ، لم يحْنَثْ وإن قلع الباب وحَوَّل إلَى منفذ آخر في تلْك الدار، ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن اليمين يُجْعَلُ على المَنْفَذِ، والباب الخشبيِّ جميعًا؛ لأن الإِشارةَ وَقَعَتْ إلَيهما جميعًا، فلا يحنث بدخول منفَذٍ آخَرَ إن نصب علَيْه الباب، ولا بدخول ذلك المنفذ، إذا لم يبقَ علَيْه الباب.
وأصحُّهما: حمْلُ اليمينِ على ذلك المنفذ؛ لأنه المحتاجُ إلَيْه في الدخول، دُون البَاب المنْصُوب عليه، فإن دَخَل مِنْ ذلك المَنْفَذ، حنث، وإن دَخَل من المَنْفَذِ المحوَّل إليه، لم يحْنَثْ.
والثالث: أنَّها تُحْمَلُ على البَابِ المتخذ من الخَشَب ونحوه؛ لأن اللَّفْظ له حقيقةٌ، فيحنث بدخول المَنْفَذِ المحوَّل إليه، ولا يَحْنَث بالأوَّل.
هذا عند الإِطلاق، أمَّا إذا قال: أردت بعض هذه المحامل، حُمِلَتِ اليمين عليه، وارتفع الخلافُ، ولو قلع الباب، ولم يحوّل إلَى موضع آخر، فهل يحْنَثُ بدخولِ ذَلِكَ المَنْفَذِ؟ فيه وجهان:
أظهرهما: نعم، ويُعْبَرُ عن الخلافِ بأنَّ الاعتبار بالمَنْفَذِ، أو الباب المنصوب عليه، وفي "التتمة" بنى عليه، أنه لو قال: لا أدخل هذا البَابَ، وقلنا: ينعقد اليمينُ عَلَى البابِ المَنْصُوبِ عَلَى المنفذ، فلو نقل البابُ إلَى دار أُخَرى، فدخلها منْه، يَحْنَثُ.
والظاهر: خلافُه، إلا أنْ يريد الحَالِفُ أنه لا يدْخُلُ منه، حيث نُصِبَ، ولو قال: لا أدخل بابَ هذه الدَّار، ولا أدخل هذه الدار مِنْ بابها، فَفُتِحَ لها بابٌ جديدٌ، فدخلها منه، ففيه وجهان:
أحدهما: وبه قال ابن أبي هُرَيرة: لا يحنث؛ لأن اليمين انعقدَتْ علَى الباب الموجُودِ حِينَئِذٍ، فَصَارَ كمَا لَوْ حلَف لا يدْخُل دَارَ زيْدٍ، فباعها زيْدٌ ثم دخَلَها.
وأظهرهما: وبه قال أبو إسحاق أنه يحنث، لأنَّه عقد اليمين عَلَى بَابِها، وهذا المفتوحُ بابها، ولا يُشترَط؛ لما تناوله اللفظ أن يكون موجودًا عند اليمين؛ ألا ترَى أنه إذا قال: لا أدخُلُ دارَ زيدٍ، فدخل دارًا ملَكَها بعْدَ اليمينِ، يحْنَثُ، ولو قال: لا أدخُلُ هذه الدارِ مِنْ بابها، فتسلق، وَنَزَلَ من السَطْح لم يحنث، وإن اقتصر على قوله: "لا